بالمعاء المسماة ب (ماساريقا) (79)، وجعل لها فوهات كثيرة لينصب لطيف المطبوخ فيها، و (ثانيهما) العرق المسمى بباب الكبد النافذ فيه بعد تفرقه بعروق شعرية ليفية منتشرة في أجزائه، وجعل الماساريقا متصلة بباب الكبد فإذا انصب خالص الكيلوس في الماساريقا يوصله إلى باب الكبد، وينصب منه إلى العروق الليفية المتفرقة في جهر الكبد، فتستولي قوة الكبد على هذا الكيلوس، بحيث يلاقي كله كله، ولذا يصير فعله فيه أشد وأسرع، فيمتصه ويجذبه إلى نفسه فيطبخه ويفيده الحرارة والحمرة، حتى ينصبغ بلون الدم، ومن هذا الطبخ يحصل شئ كالرغوة وهي (الصفراء)، وشئ كالدودي وهو (السوداء)، وشئ كبياض البيض وهو (البلغم)، وهو كما يتكون من هذا الطبخ يتكون من الطبخ الأول أيضا، وقد يصير شئ من هذا البلغم إلى الكبد مع عصارة الطعام، ويبقى المتصفي من هذه الجملة دما ناضجا ذا رطوبة مائية منتشرة في العروق الشعرية، فلو بقيت الصفراء والسوداء والبلغم والمائية مختلطة بالدم ولم تنفصل عنه لفسد مزاج البدن، فخلق الله بحكمته الكليتين والمرارة والطحال، وجعل لكل منهما عنقا ممدودا في الكبد، وجعل عنقي الآخرين داخلا في تجويف الكبد، ولم يجعل عنقي الكليتين داخلا في تجويفه، بل جعلهما متصلين بالعروق الطالعة من حدبة الكبد حتى يجذبا مائيته بعد الطلوع من العروق الدقيقة التي في الكبد، إذ لو اجتذبت قبل ذلك لغلظت ولم تخرج بسهولة عن العروق الدقيقة الشعرية.
ثم إذا انجذبت المائية من جانب محدب الكبد من طريق العروق الطالعة منه إلى الكليتين، حملت مع نفسها من الدم ما يكون صالحا كما وكيفا لغذائهما فتغذوان الدسومة والدموية من تلك المائية، ويندفع باقيها إلى المثانة ومنها إلى الإحليل. وأما (المرارة) فتأخذ الرغوة الصفراوية من محدب الكبد بعنقها الذي اتصل بالكبد، وتقذفها من منفذ آخر لها إلى الأمعاء، ليلذعها بحدتها فتحركها على دفع الأثقال التي بقيت من الكيلوس بعد ذهاب صفوه إلى الكبد، فينضغط حتى تندفع منها الأثقال، وبخروجها تخرج تلك الرغوة الصفراوية، وصفرتها لذلك. وأما (الطحال) فيأخذ بعنقه المتصل