والآخرة هو العجلة.
والطريق في علاجها: أن يتذكر فسادها، وسوء عاقبتها، وإيجابها للخفة والمهانة عند الناس، وتأديتها إلى الندامة والخسران. ثم يتذكر شرافة الوقار الذي هو ضده، وكونه صفة الأنبياء والأخيار، فيوطن نفسه على ألا يرتكب فعلا إلا بعد التأمل والمهلة، ولا يترك الطمأنينة والسكون باطنا وظاهرا في جميع أفعاله وسكناته، فإذا فعل ذلك مدة، ولو بالتكلف والتعمل، يصير ذلك عادة له، فتزول عنه هذه الصفة، وتحدث صفة الوقار والسكينة.
وصل (الأناة والتوقف والوقار والسكينة) ضد العجلة (الأناة) (1)، وهو المعنى الراتب في القلب، الباعث على الاحتياط في الأمور والنظر فيها، والتأني في أتباعها والعمل بها.
ثم (التوقف) قريب من التأني والأناة، والفرق بينهما: أن التوقف هو السكون قبل الدخول في الأمور حتى يستبين له رشدها، والتأني سكون وطمأنينة بعد الدخول فيها، حتى يؤدي لكل جزء منها حقه، وضد التوقف والتعسف.
و (الوقار) يتناول الأناة والتوقف كليهما، فهو طمأنينة النفس وسكونها في الأقوال والأفعال والحركات قبل الدخول فيها وبعده. وهو من نتائج قوة النفس وكبرها. وما قل من الفضائل النفسانية أن يبلغ مرتبته في الشرافة، ولذا يمدح به الأنبياء والأصفياء، وورد في الأخبار: " إن المؤمن متصف به البتة ". فينبغي لكل مؤمن أن يتكلف آثاره في الحركات والأفعال، حتى يصير بالتدريج ملكة، وتكلف الطمأنينة في الأفعال والحركات قبل أن تصير ملكة يختص باسم الوقار، وإذا صارت ملكة سميت سكينة، إذ هي طمأنينة الباطن، والوقار اطمئنان الظاهر.