خوف الملائكة والأنبياء وأئمة الهدى - عليهم السلام - كخوف جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، وحملة العرش، وغيرهم من الملائكة المهيمين والمسلمين. وكخوف نبينا، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وداود ويحيى ... وغيرهم. وخوف أمير المؤمنين وسيد الساجدين وسائر الأئمة الطاهرين عليهم السلام وحكاية خوف كل منهم في كتب المحدثين مذكورة وفي زبرهم مسطورة، فليرجع إليها من أراد، ومن الله العصمة والسداد.
فصل الخوف إذا جاوز حده كان مذموما إعلم أن الخوف ممدوح إلى حد، جاوزه كان مذموما. وبيان ذلك: إن الخوف سوط الله الذي يسوق به العباد إلى المواظبة على العلم والعمل، لينالوا بهما رتبة القرب إليه تعالى ولذة المحبة والأنس به، وكما أن السوط الذي تساق به البهيمة ويأدب به الصبي، له حد من الاعتدال، لو قصر عنه لم يكن نافعا في السوق والتأديب، ولو تجاوز عنه في المقدار أو الكيفية أو المبالغة في الضرب كان مذموما لأدائه إلى إهلاك الدابة والصبي، فكذلك الخوف الذي هو سوط الله لسوق عباده له حد في الاعتدال والوسط وهو ما يوصل إلى المطلوب، فإن كان قاصرا عنه كان قليل الجدوى، وكان كقضيب ضعيف يضرب به دابة قوية، فلا يسوقها إلى المقصد. ومثل هذا الخوف يجري مجرى رقة النساء عند سماع شئ محزن يورث ففيهن البكاء، وبمجرد انقطاعه يرجعن إلى حالهن الأولى، أو مجرى خوف بعض الناس عند مشاهدة سبب هائل، وإذا غاب ذلك السبب عن الحس رجع القلب إلى الغفلة. فهذا خوف قاصر قليل الجدوى. فالخوف الذي لا يؤثر في الجوارح يكفها عن المعاصي وتقييدها بالطاعات حديث نفس وحركة خاطر لا يستحق أن يسمى خوفا. ولو كان مفرطا ربما جاوز إلى القنوط وهو ضلال:
" ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون " (111).
أو إلى اليأس وهو كفر: