الكفر، و - ثانيا - فوائد ضدهما، أعني الإنصاف والاستقامة على الحق.
وبعد ذلك يكلف نفسه على إظهار ما هو الحق والعمل به، ولو بالمشقة الشديدة، إلى أن يصير ذلك عادة له، فيزول عن نفسه ما صار لها ملكة من التعصب وكتمان الحق.
وصل (الإنصاف والاستقامة على الحق) لما كان ضدهما الإنصاف والاستقامة على الحق، فلنشر إلى بعض ما ورد في مدحهما تحريكا للطالبين إلى الأخذ بهما، قال رسول الله (ص):
" لا يستكمل العبد الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال: الإنفاق من الاقتار، والإنصاف من نفسه، وبذل السلام ". وكان (ص) يقول في آخر خطبته: " طوبى لمن طاب خلقه، وطهرت سجيته، وصلحت سريرته وحسنت علانيته، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، وأنصف الناس من نفسه " وقال (ص): سيد الأعمال إنصاف الناس من نفسك.. " إلى آخره. وقال (ص): " من واسى الفقير من ماله وأنصف الناس من نفسه، فذلك المؤمن حقا ". وقال (ص) " ثلاث خصال من كن فيه أو واحدة منهن كان في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله: رجل أعطى الناس عن نفسه ما هو سائلهم... " الحديث. وقال أمير المؤمنين (ع) في كلام له: " ألا إنه من ينصف من نفسه لم يزده الله إلا عزا ". وقال الصادق (ع) " من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة: أنفق ولا تخف فقرا، وافش السلام في العالم، واترك المراء وإن كنت محقا، وأنصف الناس من نفسك ".
وقال (ع): " ألا أخبركم بأشد ما فرض الله على خلقه "، فذكر ثلاثة أشياء أولها: (إنصاف الناس من نفسك). وقال (ع): " من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره ". وقال (ع): " ما تدارى اثنان في أمر قط فأعطى أحد النصف صاحبه فلم يقبل منه إلا أديل منه ".
وقال (ع): " ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله تعالى يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب: رجل لم تدعه قدرة في حال غضبه على أن يحيف على من تحت يده، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة،