التعصب المذموم، وهو من رداءة قوة الغضب. وإلى ذلك يشير كلام سيد الساجدين (ع) حيث سئل عن العصبية، فقال: " العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين، وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه، ولكن من العصبية أن يعين قومه على الظلم ".
والغالب إطلاق العصبية في الأخبار على التعصب المذموم، ولذا ورد بها الذم، كقول النبي (ص): " من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربق الإيمان من عنقه ". وقوله (ص): " من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية ". وقال السجاد (ع):
" لم يدخل الجنة حمية غير حمية حمزة بن عبد المطلب، وذلك حين أسلم عصبا للنبي (ص) في حديث السلى الذي ألقي على النبي (ص). وقال الصادق (ع): " إن الملائكة كانوا يحسبون أن إبليس منهم، وكان في علم الله أنه ليس منهم، فاستخرج ما في نفسه بالحمية والعصب، فقال:
خلقتني من نار وخلقته من طين (97).
ومنها:
كتمان الحق والانحراف عنه، وباعثه إما العصبية أو الجبن، فهو من نتائج واحدة منهما، فعلم (الأول) يكون من رذائل قوة الغضب من جانب الإفراط، وعلى (الثاني) يكون من رذائلها من جانب التفريط. وربما كان الباعث في بعض أفراده الطمع المالي، إلا أن الظاهر كون الفاعل المباشر النفس مع رداءة قوة الغضب، كما في نفس الغضب وغيره، إذ ما لم يحصل في النفس ضعف وفي القوة الغضبية خمود لم يتحقق كتمان الحق. ويندرج تحته الميل في الحكم، وكتمان الشهادة، وشهادة الزور، وتصديق المبطل، وتكذيب المحق، وغير ذلك.
والظواهر الدالة على ذمه مطلقا، وعلى كل واحد من الأصناف المندرجة تحته كثيرة، ولا حاجة إلى ذكرها لاشتهارها. وعلاج العصبية وكتمان الحق: أن يتذكر - أولا - إيجابهما لسخط الله ومقته، وربما تأديا إلى