فيهلك ويهلكهم ويضل ويضلهم.
وبالجملة: الطريق إلى تحصيل الرجاء لمن يحتاج إليه: أن يتذكر الآيات والأخبار المتواترة الواردة فيه وفي سعة رحمته ووفور عفوه ورأفته - كما تقدم شطر منها - ثم يتأمل في لطائف نعمائه وعجائب آلائه لعباده في دار الدنيا، حتى أعد لهم كل ما هو ضروري لهم في دوام الوجود، بل لم يترك لهم شيئا جزئيا يحتاجون إليه نادرا يفوت بفقده ما هو الأصلح الأولى لهم من الزينة والجمال. فإذا لم تقصر العناية الإلهية عن عباده في جميع ما يحب ويحسن لهم من اللطف والاحسان في دار الدنيا - وهي حقيقة دار البلية والمحنة لا دار النعمة والراحة - ولم يرض أن يفوته شئ من المزائد والمزايا في الحاجة والزينة، فكيف يرضى في دار الآخرة التي هي دار الفيض والجود بسياقهم إلى الهلاك المؤبد والعذاب المخلد، مع أنه تعالى أخبر بأن رحمته سابقة على غضبه؟! وأقوى ما يجلب به الرجاء أن يعلم أن الله تعالى خير محض لا شرية فيه أصلا، وفياض على الإطلاق، وإنما أوجد الخلق لإفاضة الجود والاحسان عليهم، فلا بد أن يرحمهم ولا يبقيهم في الزجر الدائم.
از خير محض جز نكوثى نآيد * خوش باش كه عاقبت نكو خواهد شد (1) ومنها:
صغر النفس وهو ملكة العجز عن تحمل الواردات، وهو من نتائج الجبن، ومن خبائث الصفات. وتلزمه الذلة والمهانة، وعدم الاقتحام في معالي الأمور، والمسامحة في النهي عن المنكر والأمر بالمعروف، والاضطراب بعروض أدنى شئ من البلايا والمخاوف. وقد ورد في الأخبار بأن المؤمن برئ عن ذلة النفس، قال الصادق عليه السلام: " إن الله عز وجل فوض إلى المؤمن أموره كلها ولم يفوض إليه أن يكون ذليلا: أما تسمع الله تعالى يقول:
" ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين "؟ (2)