" قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " (44).
ويكون ممن قال رسول الله (ص) فيهم: " إن الله ليؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم "، " إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ". فلا نجاة من مصائد الشيطان ومكائده إلا ببصيرة باطنة نورانية وقوة قدسية ربانية، كما لا نجاة للمسافر الحيران في بادية كثيرة الطرق غامضة المسلك في ليلة مظلمة إلا بعين بصيرة صحيحة وطلوع شمس مشرقة نيرة.
فصل العلائم الفارقة بين الإلهام والوسوسة من تمكن من معرفة الخير والشر سهل عليه التفرقة بين الإلهام والوسوسة وقد قيل إن إلهام الملك ووسوسة الشيطان يقع في النفوس على وجوه وعلامات: (أحدها) كالعلم واليقين الحاصلين من جانب يمين النفس. وتقابله الشهوة والهوى الحاصلان من جانب شمالها. (وثانيها) كالنظر إلى آيات الآفاق والأنفس على سبيل النظام والأحكام المزيل للشكوك والأوهام، والمحصل للمعرفة والحكمة في القوة العاقلة هي جانب الأيمن من النفس ويقابله النظر إليها على سبيل الاشتباه والغفلة والإعراض عنها، الناشئة منها الشبه والوساوس في الواهمة والمتخيلة التي على الجانب الأيسر منها، فإن الآيات المحكمات بمنزلة الملائكة المقدسة من العقول والنفوس الكلية، لأنها مبادئ العلوم اليقينية، والمتشابهات الوهميات بمنزلة الشياطين والنفوس الوهمانية، لأنها مبادئ المقدمات السفسطية. (وثالثها) كطاعة الرسول المختار والأئمة الأطهار في مقابلة أهل الجحود والانكار وأرباب التعطيل والتشبيه من الكفار. فكل من سلك سبيل الهداية فهو بمنزلة الملائكة المقدسين الملهمين للخير، ومن سلك سبيل الضلال فهو بمنزلة الشياطين المغوين بالشرور.
(ورابعها) كتحصيل العلوم والإدراكات التي هي في الموضوعات العالية والأعيان الشريفة، كالعلم بالله وملائكته ورسله، واليوم الآخر، وللبعث، وقيام