أصلب من الصلد ". وقال الصادق عليه السلام: " المؤمن أصلب من الجبل إذ الجبل يستفل (86) منه والمؤمن لا يستفل من دينه ".
* * * وأما الأنواع ولوازمها المتعلقة بالقوة الغضبية فمنها:
الخوف وهو تألم القلب واحتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقبال مشكوك الوقوع، فلو علم أو ظن حصوله سمى توقعه انتظار مكروه، وكان تألمه أشد من الخوف، وكلامنا في كليهما. وفرقه عن الجبن على ما قررناه من حدهما ظاهر، فإن الجبن هو سكون النفس عما يستحسن شرعا وعقلا من الحركة إلى الانتقام أو شئ آخر، وهذا السكون قد يتحقق من غير حدوث التألم الذي هو الخوف، مثلا من لا يجترئ على الدخول في السفينة أو النوم في البيت وحده أو التعرض لدفع من يظلمه ويتعرض له يمكن اتصافه بالسكون المذكور مع عدم تألم له بالفعل، فمثله جبان وليس بخائف. ومن كان له ملكة الحركة إلى الانتقام وغيره من الأفعال التي يجوزها الشرع والعقل ربما حصل له التألم المذكور من توقع حدوث بعض المكاره، كما إذا أمر السلطان بقتله، فمثله خائف وليس بجبان.
ثم الخوف على نوعين: (أحدهما) مذموم بجميع أقسامه، وهو الذي لم يكن من الله ولا من صفاته المقتضية للهيبة والرعب، ولا من معاصي العبد وجناياته، بل يكون لغير ذلك من الأمور التي يأتي تفصيلها. وهذا النوع من رذائل قوة الغضب من طرف التفريط، ومن نتائج الجبن.
و (ثانيهما) محمود وهو الذي يكون من الله ومن عظمته ومن خطأ العبد وجنايته، وهو من فضائل القوة الغضبية، إذ العاقلة تأمر به وتحسنه، فهو حاصل من انقيادها لها. ولنفصل القول في أقسام النوعين، وبيان العلاج في إزالة أقسام الأول وتحصيل الثاني: