ورجل قال بالحق فيما له وعليه ". وقال (ع): " إن لله جنة لا تدخلها إلا ثلاثة، أحدهم من حكم في نفسه بالحق " (98).
ومنها:
القساوة وهي ملكة عدم التأثر عن تألم أبناء النوع. ولا ريب في كونه ناشئا من غلبة السبعية، وأكثر ذمائم الصفات: من الظلم والإيذاء، وعدم إغاثة المظلومين، وعدم مواساة الفقراء والمحتاجين وغير ذلك يترتب عليه. وضده الرحمة والرقة، وهو التأثر عن مشاهدة تألم أبناء نوعه، ويترتب عليه من الصفات المرضية أضداد ما ذكر. وقد ورد به المدح والترغيب في الأخبار الكثيرة، كقول النبي (ص): " يقول الله تعالى: أطلبوا الفضل من الرحماء من عبادي تعيشوا في أكنافهم، فإني جعلت فيهم رحمتي. ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم، فإني جعلت فيهم سخطي ". وكقول الصادق (ع):
" اتقوا الله وكونوا أخوة بررة متحابين في الله متواصلين متراحمين... ".
وقوله (ص): " تواصلوا وتباروا وتراحموا وكونوا أخوة بررة كما أمركم الله ". وقوله (ع): " يحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمواساة لأهل الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض، حتى تكونوا كما أمركم الله عز وجل: رحماء بينهم متراحمين مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد رسول الله (ص).
وقد ورد: إن من ترحم على العباد يرحمه الله. والأخبار الواردة في فضيلة مطلق الرحمة، وفي فضيلة خصوص كل واحد واحد فيما يندرج تحته: من إعانة المحتاج، وإغاثة المظلوم، ومواساة الفقير، والاغتمام بمصائب المؤمنين، وأمثال ذلك، أكثر من أن تحصى.
ثم إن إزالة القساوة واكتساب الرحمة في غاية الإشكال، إذ القساوة صفة راسخة في القب لا يقدر على تركها بسهولة، فطريق العلاج أن يترك لوازمها وآثارها من الأفعال الظاهرة، ويواظب على ما يترتب على الرحمة من الصفات الاختيارية، ويكلف نفسه على ذلك حتى يرتفع على التدريج مبدأ الأولى ويحصل مبدأ الثانية.