صعيد واحد، ثم ينادي مناد: أين أهل الفضل؟ قال فيقوم عنق من الناس فتلقاهم الملائكة، فيقولون: وما فضلكم؟ فيقولون: كنا نصل من قطعنا، ونعطي من حرمنا، ونعفو عمن ظلمنا، قال: فيقال لهم: صدقتم، ادخلوا الجنة ". وقال الباقر (ع): " الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة ". وقال الصادق (ع) " ثلاث من مكارم الدنيا والآخرة: تعفو عمن ظلمك.. إلى آخر الحديث وقال أبو الحسن (ع) " ما التقت فئتان قط إلا نصر أعظمهما عفوا ". وكفى للعفو فضلا وشرافة أنه من أجمل الصفات الإلهية، وقد يمدح الله تعالى به مقام الخضوع والتذلل، قال سيد الساجدين عليه السلام: " أنت الذي سميت نفسك بالعفو، فاعف عني ". وقال (ع) " أنت الذي عفوه أعلى من عقابه ".
ومنها:
العنف وهو الغلظة والفظاظة في الأقوال أو الحركات أيضا، وهو من نتائج الغضب، وضده (الرفق)، أي اللين فيهما، وهو من نتائج الحلم. ولا ريب في أن الغلظة في القول والفعل ينفر الطباع ويؤدي إلى اختلال أمر المعاش والمعاد، ولذلك نهى الله - سبحانه - نبيه عنه في مقام الإرشاد، وقال:
" ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " (25).
وروي عن سلمان: " أنه قال: إذا أراد الله تعالى هلاك عبد نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء، لم يلقه إلا خائنا مخونا، وإذا كان خائنا مخونا نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة لم يلقه إلا فظا غليظا، فإذا كان فظا غليظا نزعت منه ربقة الإيمان، فإذا نزعت منه ربقة الإيمان لم يلقه إلا شيطانا ملعونا ".
ويظهر من هذا الكلام أن من كان من أهل الغلظة والفظاظة فهو الشيطان حقيقة، فيجب على كل عاقل أن يجتنب عن ذلك كل الاجتناب، ويقدم التروي على كل ما يصدر عنه من القول والفعل، ليحافظ نفسه عن التعنف والغلظة فيه، ويتذكر ما ورد في فضيلة الرفق، ويرتكبه في حركاته، ولو بالتكلف