لحظة ثواب شهيد أو شهداء، فأفضل السعادات طول العمر في تحصيل العلم والعمل، فكل ما يبطل العمر أو العقل والصحة فهو خسران ونقصان.
فصل طرق تحصيل الخوف الممدوح لتحصيل الخوف الممدوح وجلبه طرق:
(الأول) أن يجتهد في تحصيل اليقين: أي قوة الإيمان بالله، واليوم الآخر، والجنة، والنار، والحساب، والعقاب. ولا ريب في كونه مهيجا للخوف من النار والرجاء للجنة. ثم الخوف والرجاء يؤديان إلى الصبر على المكاره والمشاق، وهو إلى المجاهدة والتجرد لذكر الله تعالى والفكر فيه على الدوام، ويقوي دوام الذكر على الأنس، ودوام الفكر على كمال المعرفة، ويؤدي الأنس وكمال المعرفة إلى المحبة، ويتبعها الرضا والتوكل وسائر المقامات. وهذا هو الترتيب في سلوك منازل الدين، فليس بعد أصل اليقين مقام سوى الخوف والرجاء، ولا بعدها مقام سوى الصبر، ولا بعده سوى المجاهدة والتجرد لله ظاهرا وباطنا، ولا بعده سوى الهداية والمعرفة، ولا بعدهما سوى الأنس والمحبة. ومن ضرورة المحبة الرضا يفعل المحبوب والثقة بعنايته، وهو التوكل. فاليقين هو سبب الخوف، فيجب تحصيل السبب ليؤدي إلى المسبب.
(الثاني) ملازمة التفكر في أحوال القيامة، وأصناف العذاب في الآخرة، واستماع المواعظ المنذرة، والنظر إلى الخائفين ومجالستهم، ومشاهدة أحوالهم واستماع حكاياتهم. وهذا مما يستجلب الخوف من عذابه تعالى، وهو خوف عموم الخلق، وهو يحصل بمجرد أصل الإيمان بالجنة والنار، وكونهما جزأين على الطاعة والمعصية، وإنما يضعف للغفلة أو ضعف الإيمان، وتزول الغفلة والضعف بما ذكر، وأما الخوف من الله بأن يخاف البعد والحجاب ويرجو القرب والوصال، وهو خوف أرباب القلوب، العارفين من صفاته ما يقتضي الخوف والهيبة، المطلعين على سر قوله:
" ويحذركم الله نفسه " (112). وقوله: " اتقوا الله حق تقاته " (114).