تقدير عدم مطابقته للواقع، لو كان باعثا لضرر ما لي أو فساد ديني أو عرضي، لزم فيه الحزم والاحتياط، وعدم تعليق أموره الدينية والدنيوية عليه لئلا يترتب عليه الخسران والأضرار، وتلزمه الفضيحة والعار.
ومنها:
الغضب وهو كيفية نفسانية موجبة لحركة الروح من الداخل إلى الخارج للغلبة، ومبدؤه شهوة الانتقام، وهو من جانب الإفراط، وإذا اشتد يوجب حركة عنيفة، يمتلئ لأجلها الدماغ والأعصاب من الدخان المظلم، فيستر نور العقل ويضعف فعله، ولذا لا يؤثر في صاحبه الوعظ والنصيحة، بل تزيده الموعظة غلظة وشدة. قال بعض علماء الأخلاق: " الغضب شعلة نار اقتبست من نار الله الموقدة، إلا أنها لا تطلع إلا على الأفئدة، وإنها لمستكنة في طي الفؤاد استكنان الجمر تحت الرماد، وتستخرجها حمية الدين من قلوب المؤمنين، أو حمية الجاهلية والكبر الدفين من قلوب الجبارين، التي لها عرق إلى الشيطان اللعين، حيث قال:
" خلقني من نار وخلقته من طين " (7).
فمن شأن الطين السكون والوقار، ومن شأن النار التلظي والاستعار ".
ثم قوة الغضب تتوجه عند ثورانها إما إلى دفع المؤذيات إن كان قبل وقوعها، أو إلى التشفي والانتقام إن كان بعد وقوعها، فشهوتها إلى أحد هذين الأمرين ولذتها فيه، ولا تسكن إلا به. فإن صدر الغضب على من يقدر أن ينتقم منه، واستشعر باقتداره على الانتقام، انبسط الدم من الباطن إلى الظاهر، واحمر اللون، وهو الغضب الحقيقي. وإن صدر على من لا يتمكن أن ينتقم منه لكونه فوقه، واستشعر باليأس عن الانتقام، انقبض الدم من الظاهر إلى الباطن، وصار حزنا. وإن صدر على من يشك في الانتقام منه انبسط الدم تارة أو انقبض أخرى، فيحمر ويصفر ويضطرب.