وآله وسلم: " قصم ظهري رجلان، عالم متهتك، وجاهل متنسك " ولم يتذكروا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " البلاهة أدنى إلى الإخلاص من فطانة بتراء " وكل ذلك ليس إلا لعدم سعيهم في تهذيب الأخلاق وتحسينها وعدم الامتثال لقوله سبحانه:
وأتو البيوت من أبوابها (28).
فصل النفس وأسماؤها وقواها الأربع ما عرفت من تجرد النفس إنما هو التجرد في الذات دون الفعل لافتقارها فعلا إلى الجسم والآلة، فحدها أنها جوهر ملكوتي يستخدم البدن في حاجاته، وهو حقيقة الإنسان وذاته، والأعضاء والقوى آلاته التي يتوقف فعله عليها، وله أسماء مختلفة بحسب اختلاف الاعتبارات، فيسمى (روحا) لتوقف حياة البدن عليه و (عقلا) لإدراكه المعقولات و (قلبا) لتقلبه في الخواطر، وقد تستعمل هذه الألفاظ في معان أخرى تعرف بالقرائن.
وله قوى أربع: قوة عقلية ملكية، وقوة غضبية سبعية، وقوة شهوية بهيمية، وقوة وهمية شيطانية. و (الأولى) شأنها إدراك حقائق الأمور، والتمييز بين الخيرات والشرور، والأمر بالأفعال الجميلة، والنهي عن الصفات الذميمة و (الثانية) موجبة لصدور أفعال السباع من الغضب والبغضاء، والتوثب على الناس بأنواع الأذى. و (الثالثة) لا يصدر عنها إلا أفعال البهائم من عبودية البهائم من عبودية الفرج والبطن، والحرص على الجماع والأكل. و (الرابعة) شأنها استنباط وجوه المكر والحيل، والتوصل إلى الأغراض بالتلبيس والخدع.
والقائدة في وجود القوة الشهوية بقاء البدن الذي هو آلة تحصيل كمال النفس. وفي وجود الغضبية أن يكسر سورة الشهوية والشيطانية، ويقهرها عند انغمارهما في الخداع والشهوات، وإصرارهما عليهما، لأنهما لتمردهما لا تطيعان العاقلة بسهولة، بخلاف الغضبية فإنهما تطيعانها وتتأدبان بتأديبها بسهولة.