ومن جملة الثبات الثبات في الإيمان، وهو اطمئنان النفس في عقائدها، بحيث لا يتزلزل فيها بالشبهات، قال الله تعالى:
" يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة " (4).
وهذا الاطمئنان من شرائط كسب الكمال وفضائل الأعمال، إذ ما لم تستقر النفس على معتقداتها في المبدأ والمعاد لم يحصل لها العزم البالغ على تحصيل ما يتوقف فائدته عليها، فمن ليس له هذا الثبات لا تجده ثابتا ومواظبا على شئ من الأعمال الفاضلة، بل هو:
" كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران " (5) والمتصف به مواظب لها دائما من غير فتور. وعدم هذا الثبات لعدم البصيرة الباطنة أو لضعف في النفس. فوجوده يحصل من المعرفة وقوة النفس، فهو من فضائل العاقلة وقوة الغضب، وعدمه من رذائل إحداهما أو كليهما.
ومنها:
دناءة الهمة وهو قصور النفس عن طلب معالي الأمور وقناعتها بأدانيها، وهو من نتائج ضعف النفس وصغرها. وضده (علو الهمة)، وهو ملكة السعي في تحصيل السعادة والكمال وطلب معالي الأمور، من دون ملاحظة منافع الدنيا ومضارها، حتى لا يعتريه السرور بالوجدان ولا الحزن بالفقدان، بل لا يبالي في طريق الطلب بالموت والقتل وأمثالهما. وصاحب هذه الملكة هو المؤمن الحقيقي الشائق للموت، والموت تحفة له، وأعظم سرور يصل إليه، كما ورد في الأخبار. وهو الذي يقول:
آن مرد نيم كز عدمم بين آيد * كان بيم مرا خوشتر از أين بيم آيد جاني است مرا بعاريت داده خدا * تسليم كنم چو وقت تسليم آيد (6)