جميع أمواله في حياته في المصارف التي تعود فائدتها إلى نفسه، ولا يترك شيئا منها لوراثه إلا للأخيار من أولاده، إذ بقاؤهم بمنزلة بقائه، ويترتب على وجودهم - مع حسن حالهم وعيشهم - جميل الذكر وجزيل الثواب له بعد موته. وكيف يرضى صاحب الغيرة أن يترك ماله الذي أتعب نفسه في اكتسابه وفنى عمره في تحصيله ويحاسب عليه في عرصات القيامة، لزوج امرأته، فيأكله ويجامعها، وغاية رضى هذه المرأة الخبيثة التي ليست لها حمية ووفاء ولا لها مطلوب أهم من مقاربة الرجال، أن يأكل هذا الرجل صفو ماله ليتقوى على مجامعتها، وهذا محنة لا يتحمل مثلها أهل الديانة والقيادة، فضلا عن صاحب الغيرة والحمية. وقس على ذلك تخليف الأموال لسائر الوراث الذين لا يعرفون الحقوق، وليسوا من أهل الخير والصلاح والوفاء، من أولاد السوء وأزواج البنات، وسائر الأقارب من الأخوان والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات. وهؤلاء وإن لم يكونوا بمثابة زوج امرأته، إلا أن ترك الأموال لهم إذا لم يكونوا من أهل الخير والصلاح لا تثمر له فائدة سوى الوزر والوبال وذكره بالسوء والشتم والفحش، كما هو المشاهد في زماننا هذا.
ومنها:
العجلة وهي المعنى الراتب في القلب، الباعث على الإقدام على الأمور بأول خاطر، من دون توقف واستبطاء في أتباعها والعمل بها. وقد عرفت أنه من لوازم ضعف النفس وصغرها، وهو من الأبواب العظيمة للشيطان، قد أهلك به كثيرا من الناس. قال رسول الله (ص): " العجلة من الشيطان، والتأني من الله ". وقد خاطب الله تعالى نبيه (ص) بقوله:
" ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه " (10).
وقد روي: " أنه لما ولد عيسى عليه السلام أتت الشياطين إبليس، فقالت: أصبحت الأصنام قد نكست رؤوسها. فقال: هذا حادث قد حدث،