بعضهم بعضا، ويؤدي حقوق أخوانه المؤمنين بحسب استطاعته. وقد ورد في الحديث النبوي: " إن للمؤمن على أخيه ثلاثين حقا لا براءة له منها إلا بالأداء أو العفو: يغفر زلته، ويرحم غربته، ويستر عورته، ويقيل عثرته، ويقبل معذرته، ويرد غيبته، ويديم نصيحته، ويحفظ خلته، ويرعى ذمته، ويعود مرضته، ويشهد ميتته، ويجيب دعوته، ويقبل هديته، ويكافئ صلته، ويشكر نعمته، ويحسن نصرته، ويحفظ حليلته، ويقضي حاجته، ويشفع مسألته، ويسمت عظمته، ويرشد ضالته، ويرد سلامه، ويطيب كلامه، ويبر إنعامه، ويصدق أقسامه، ويواليه ولا يعاديه، وينصره ظالما أو مظلوما، فأما نصرته ظالما فيرده عن ظلمه، وأما نصرته مظلوما فيعينه ظلمه، وأما نصرته مظلوما فيعينه على أخذ حقه، ولا يسأمه، ولا يخذله، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه، ويكره له من الشر ما يكره لنفسه ".
" الثالث " ما يجري بين الأحياء وذوي حقوقهم من الأموات: من أداء ديونهم وإنفاذ وصاياهم والترحم عليهم بالصدقة والدعاء. وقد أشار خاتم الرسالة صلى الله عليه وآله وسلم إلى أقسام العدالة بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله "، وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم في خبر آخر: " الدين النصيحة. قيل لمن؟ قال: لله ولرسوله ولعامة المؤمنين ".
إيقاظ قد ظهر مما ذكر أن الكمال كل الكمال لكل شخص هو العدل والتوسط في جميع صفاته وأفعاله الباطنة والظاهرة، سواء كانت مختصة بذاته أو متوسطة بينه وبين أبناء نوعه، ولا تحصل النجاة والسعادة إلا بالاستقامة على وسط الأشياء المتخالفة، والتثبت على مركز الأطراف المتباعدة. فكن يا حبيبي جامعا للكمالات، متوسطا بين مراتب السعادات، ومركزا لدائرة نيل الإفاضات. فكن أولا متوسطا بين العلم والعمل جامعا بينهما بقدر الإمكان، ولا تكتف بأحدهما حتى لا تكون واحدا من الرجلين القاصمين (16)