الخوف " (150).
وقد ظهر مما ذكر: أن الرجاء أصلح وأفضل في موضعين: (أحدهما) في حق من تفتر نفسه عن فضائل الأعمال ويقتصر على الفرائض، وكان الرجاء باعثا له على التشمير والنشاط للطاعات، ومثله ينبغي أن يرجي نفسه نعم الله تعالى وما وعد الله به الصالحين في العليين، حتى ينبعث من رجائه نشاط العباد. (وثانيهما) في حق العاصي المنهمك إذا خطر له خاطر التوبة، فيقنطه الشيطان من رحمة الله، ويقول له كيف تقبل التوبة من مثلك؟ فعند هذا يجب عليه أن يقمع قنوطه بالرجاء ويتذكر ما ورد فيه، كقوله تعالى:
" لا تقنطوا من رحمة الله " (151). وقوله: " وإني لغفار لمن تاب " (152).
ويتوب ويتوقع المغفرة مع التوبة لا بدونها، إذ لو توقع المغفرة مع الإصرار كان مغرورا. والرجاء الأول يقمع الفتور المانع من النشاط والتشمير، والثاني يقطع القنوط المانع من التوبة.
فصل (العمل على الرجاء أعلى منه على الخوف) العمل على الرجاء أعلى منه على الخوف، لأن أقرب العباد أحبهم إليه، والحب يغلب بالرجاء. واعتبر ذلك بملكين يخدم أحدهما خوفا من عقابه والآخر رجاء لعطائه، ولذلك غير الله أقواما يظنون السوء بالله، قال:
" وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم " (1) وقال: " وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا " (2).
وورد في الرجاء وحسن الظن ما ورد - كما تقدم - وفي الخبر:
" إن الله تعالى أوحى إلى داود: أحبني وأحب من يحبني وحببني إلى خلقي،