لي دعوة واحدة لخصصتها بإصلاح حال السلطان حتى يعم نفعه.
تنوير لا حاجة إلى العدالة مع رابطة المحبة لو استحكمت رابطة المحبة وعلاقة المودة بين الناس لم يحتاجوا إلى سلسلة العدالة، فإن أهل الوداد والمحبة في مقام الإيثار ولو كان بهم خصاصة، فكيف يجور بعضهم على بعض. والسر أن رابطة المحبة أتم وأقوى من رابطة العدالة، لأن المحبة وحدة طبيعية جبلية، والعدالة وحدة قهرية قسرية. على أنها لا تنتظم بدون المحبة، لكونها باعثة للإيجاد، كما أشير إليه في الحديث القدسي: " كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف ". فالمحبة هو السلطان المطلق، والعدالة نائبها وخليفتها (18).
وصل التكميل الصناعي لاكتساب الفضائل على طبق ترتيب الكمال الطبيعي لاكتساب الفضائل ترتيب ينبغي أن لا يتعدى عنه. وبيان ذلك: أن مبادئ الحركات المؤدية إلى الكمالات: إما طبيعية كحركة النطفة في الأطوار المختلفة إلى بلوغ كمال الحيوانية، أو صناعية كحركة الخشب بتوسط الآلات إلى بلوغ كمال السريرية. ثم الطبيعية وتحريكاتها لاستنادها إلى المبادئ العالية تكون متقدمة على الصناعية المستندة إلى الإنسان، ولما كان كمال الثواني أن تتشبه بالأوائل، ينبغي أن تقتدي الصناعية في تحريكاتها المؤدية إلى كمالها بالطبيعية.
وإذ ثبت ذلك فاعلم: أن تهذيب الأخلاق لما كان أمرا صناعيا لزم أن يقتضي في تحصيله من حيث الترتيب بأفعال الطبيعة في ترتيب حصولها، فنقول:
لا ريب في أن أول ما يحصل في الطفل قوة طلب الغذاء، وإذا زادت تلك القوة يبكي ويرفع صوته لأجل الغذاء، وإذا قويت حواسه وتمكن من حفظ