ومنها:
الحقد وقد عرفت أنه إضمار العداوة في القلب، وهو من ثمرة الغضب، لأن الغضب إذا لزم كظمه لعجز عن التشفي في الحال، رجع إلى الباطن واحتقن فيه فصار حقدا، وهو من المهلكات العظيمة. وقد قال رسول الله (ص):
" المؤمن ليس بحقود ". والغالب أن الحقد يلزمه من الآفات: الحسد، والهجرة، والانقطاع عن المحقود، وإيذاؤه بالضرب، والتكلم فيه بما لا يحل: من الكذب، والغيبة، والبهتان، وإفشاء السر، وهتك الستر، وإظهار العيوب، والشماتة بما يصيبه من البلاء والسرور به، والانبساط بظهور عثراته وهفواته، والمحاكاة عنه بالاستهزاء والسخرية، والإعراض عنه استصغارا له، ومنع حقوقه من دين أو رد مظلمة أو صلة رحم. وكل ذلك حرام يؤدي إلى فساد الدين والدنيا. وأضعف مراتبه أن يحترز عن الآفات المذكورة، ولا يرتكب لأجله ما يعصى الله به، ولكن يستثقله بالباطن ولا ينتهي قلبه عن بغضه.
وهو أيضا من الأمراض المؤلمة للنفس، المانعة لها عن القرب إلى الله والوصول إلى الملأ الأعلى. ويمنع صاحبه عما ينبغي أن يصدر عنه بالنسبة إلى أهل الإيمان: من الهشاشة والرفق والتواضع والقيام بحوائجهم والمجالسة معهم والرغبة إلى إعانتهم ومواساتهم... وغير ذلك. وهذا كله مما ينقص درجته في الدين، ويحول بينه وبين مرافقة المقربين.
ولما كانت حقيقته عبارة عن العداوة الباطنة، فجميع الأخبار الواردة في ذم المعاداة تدل على ذمه، كقول النبي (ص): " ما كان جبرئيل يأتيني إلا قال: يا محمد! اتق شحناء الرجال وعداوتهم ". وقوله (ص): " ما عهد إلي جبرئيل قط في شئ ما عهد إلي في معاداة الرجال ". وقول الصادق (ع): " من زرع العداوة حصد ما بذر ".. وقس عليها غيرها.
وطريق العلاج في إزالته: أن يتذكر أن هذه العداوة الباطنة تؤلمه في العاجل، إذ الحقود المسكين لا يخلو من التألم والهم لحظة، ويعذبه في الآجل، ومع ذلك لا يضر المحقود أصلا، والعاقل لا يدوم على حالة تكون مضرة