رسوله (ص) وكلام أئمتنا الراشدين: جواز نسبته إلى الشخص المعين، بل المستفاد منها أن اللعن على بعض أهل الجحود والعناد من أحب العبادات وأقرب القربات، قال الله سبحانه:
" أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " (42). وقال:
" أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون " (43).
وقال النبي (ص): " لعن الله الكاذب ولو كان مازحا ". وقال (ص) في جواب أبي سفيان حين هجاه بألف بيت: " اللهم إني لا أحسن الشعر ولا ينبغي لي، اللهم العنه بكل حرف ألف لعنة ". وقد لعن أمير المؤمنين عليه السلام جماعة. وروي أنه كان يقنت في الصلاة المفروضة بلعن معاوية وعمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري وأبي الأعور الأسلمي، مع إنه أحلم الناس وأشدهم صفحا عمن يسوء به، فلولا أنه كان يرى لعنهم من الطاعات لما يتخير محله في الصلوات المفروضات. وروى الشيخ الطوسي: " إن الصادق عليه السلام كان ينصرف من الصلاة بلعن أربعة رجال ". ومن نظر إلى ما وقع للحسن عليه السلام مع معاوية وأصحابه وكيف لعنهم، وتتبع ما ورد من الأئمة في الكافي وغيره من كتب الأخبار والأدعية في لعنهم من يستحق اللعن من رؤساء الضلال والتصريح بأسمائهم، يعلم أن ذلك من شعائر الدين، بحيث لا يعتريه شك ومرية. وما ورد من قوله عليه السلام " لا تكونوا لعانين "، ومثله: نهى عن اللعن على غير المستحقين، وما روي أن أمير المؤمنين عليه السلام نهى عن لعن أهل الشام، فإن صح، فلعله كان يرجو إسلامهم ورجوعهم إليه، كما هو شأن الرئيس المشفق على الرعية.
وبالجملة: اللعن على رؤساء الظلم والضلال والمجاهرين بالكفر والفسق جائز، بل مستحب، وعلى غيرهم من المسلمين غير جائز، إلا أن يتيقن باتصافه بإحدى الصفات الموجبة له. وينبغي ألا يحكم باتصافه بشئ منها بمجرد الظن والتخمين، إذ لا يجوز أن يرمى مسلم بكفر وفسق من غير تحقيق، قال رسول الله (ص): " لا يرمي رجل رجلا بالكفر فلا يرميه بالفسق إلا ارتد عليه إن لم يكن كذلك ".