ابن علي الباقر (ع): " إن الله تعالى جعل لآدم في ذريته من هم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة، ومن هم بحسنة وعملها كتبت له عشرا، ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه سيئة، ومن هم بها وعملها كتبت عليه سيئة "، وقوله: " لم يكتب عليه " محمول على صورة عدم العمل خوفا من الله، لما تقدم من أنه إن لم يعملها لمانع غير خوف الله كتبت عليه سيئة.
وما روي عن الصادق (ع) أنه قال: " ما من مؤمن إلا وله ذنب يهجره زمانا ثم يلم به وذلك قوله تعالى:
" إلا اللمم " (63).
وقال: " واللمم: الرجل يلم بالذنب فيستغفر الله منه "، وقد وردت بهذا المضمون أخبار أخر.
وصل الخاطر المحمود والتفكر قد عرفت أن ضد الوسوسة الخاطر المحمود المستحسن شرعا وعقلا، لأن القلب إذا كان مشغولا بشئ لا يمكن أن يشغله شئ آخر، فإذا كان مشغولا بشئ من الخواطر المحمودة لا سبيل للخواطر المذمومة إليه، وربما كان للغفلة التي هي ضد النية تقابل لكل من الوسوسة والخاطر المحمود، إذ عند الغفلة لا يتحقق شئ منهما، إلا أن خلو القلب عن كل نية وخاطر بحيث يكون ساذجا في غاية الندرة، على أن الظاهر أن مرادهم من الغفلة خلو الذهن من القصد الباعث وإن كان مشغولا بالوساوس الباطلة، كما يأتي تحقيقه.
ثم الخاطر المحمود إن كان قصدا ونية لفعل جميل معين كان متعلقا بالقوة التي يتعلق هذا الفعل بها، وإلا كان راجعا إما إلى الذكر القلبي أو إلى التدبر في العلوم والمعارف والتفكر في عجائب صنع الله وغرائب عظمته، أو إلى التدبر الإجمالي الكلي فيما يقرب العبد إلى الله سبحانه أو ما يبعده عنه تعالى، وليس وراء ذلك خاطر محمود متعلق بالدين أو غير ذلك من الخواطر المذمومة المتعلقة بالدنيا.
وإذا عرفت ذلك فاعلم أنه من معالجات مرض الوسواس معرفة شرافة