أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت * صوارم في أيماننا تقطر الدما تركناهم لا يستحلون بعدها * لذي حرمة في سائر الناس محرما ولولا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لذكره أكثر فضائل جمة تعرفها قلوب المؤمنين ولا تملحها آذانهم من أشياء لو شئت لقلت، فدع عنك يا بن هند من قد بانت الرمية، فإننا صنائع ربنا والناس كلهم لنا صنائع، ولم يمنعنا شرفنا أن خلطناهم بأنفسنا، ولستم هنالك، وانى يكون ذلك؟ ومنا المشكاة والزيتونة ومنكم الشجرة الملعونة، ومنا هاشم بن عبد مناف ومنكم أمية كلب الاحلاف، ومنا شيبة الحمد عبد المطلب ومنكم الكذاب المكذب. ومنا أسد الله ومنكم طريد رسول الله، ومنا الطيار في الجنة ومنكم عدو الاسلام والسنة، ومنا سيدة نساء العالمين بلا كذب ومنكم ابن حمالة الحطب، وحسبي برسول الله صلى الله عليه وسلم صهرا وابنته فاطمة شرفا وعزا وفخرا، وكنت تسألني أدفع إليك قتلة عثمان، وليس لك أن تسأل ذلك ولا إلي أن أدفعهم إليك، وإنما ذلك إلى ورثة عثمان وأولاده، وهم أولى بطلب دم أبيهم منك، فإن زعمت أنك أقوى على الطلب بدم عثمان فادخل فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار، وحاكم القوم إلي أحملك وإياهم على كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وذكرت أنه ليس لي ولأصحابي عندك إلا السيف، فلقد أضحكتني بعد استعبار يا بن آكلة الأكباد! متى لقيت بني عبد المطلب؟ فسيطلبك من يستبطن ويقرب ما يستبعد وتره، عليك سيوف قد عرفت نصالها في أخيك وخالك وجدك وعم أمك وأسلافك، فإن تكن الدائرة عليك تصطلمك عزائم الدين وحكم الكتاب، وإن تحل منا بعاجل ظفر فلا ضير إنا إلى ربنا لمنقلبون - والسلام على عباد الله الصالحين -.
قال: فلما ورد هذا الكتاب على معاوية وقرأه أقلقه ذلك، ولم يدر بماذا يجيب عليا، فكتب إليه يقول:
ليس بيني وبين قيس عتاب * غير طعن الكلي وضرب الرقاب وكتب إليه علي رضي الله عنه: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) (1)