واستقاموا على بيعتي أن يكون منك أمر من الأمور! فقال طلحة: مهلا يا أبا الحسن! فلا والله لا يأتيك مني شيء تكرهه أبدا، قال علي: فالله تبارك وتعالى عليك راع وكفيل! قال طلحة: يا أبا الحسن نعم! قال علي: فقم بنا إذا إلى الزبير بن العوام. فأقبل معه طلحة إلى الزبير فكلمه علي بما كلم به طلحة، فرد عليه الزبير شبيها بكلام طلحة وعاقده وعاهده أنه لا يغدر به ولا يحبس بيعته.
قال: فرجع علي إلى المسجد واجتمع الناس، فقام نفر من الأنصار منهم أبو الهيثم (1) بن التيهان ورفاعة بن رافع (2) ومالك بن العجلان وخزيمة بن ثابت والحجاج بن [عمرو بن] غزية وأبو أيوب خالد بن زيد، فقالوا: أيها الناس! إنكم رأيتم ما سار فيكم عثمان، وأنتم اليوم على شرف أن تقعوا في مثلها، فاسمعوا قولنا وأطيعوا أمرنا! قال: فقال له الكوفيون والمصريون: فإننا قد قبلنا منكم فأشيروا علينا فإنكم أهل السابقة وقد سماكم الله أنصارا، فأمرونا بأمركم، فقالت الأنصار: إنكم قد عرفتم فضل علي بن أبي طالب وسابقته وقرابته ومنزلته من النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بحلالكم وحرامكم وحاجتكم إليه من بين الصحابة ولن يألوكم نصحا، ولو علمنا مكان أحد هو أفضل منه وأجمل لهذا الامر وأولى به منه لدعوناكم إليه، فقال الناس كلهم بكلمة واحدة: رضينا به طائعين غير كارهين، فقال لهم علي: أخبروني عن قولكم هذا رضينا به طائعين غير كارهين أحق واجب هذا من الله عليكم أم رأي رأيتموه من عند أنفسكم؟ قالوا: بل هو واجب أوجبه الله عز وجل لك علينا، فقال علي رضي الله عنه: فانصرفوا يومكم هذا إلى غد، قال: فانصرف الناس.
فلما كان من غد أقبل الناس إلى المسجد، وجاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن الامر أمركم فاختاروا لأنفسكم من أحببتم وأنا سامع مطيع لكم! قال: فصاح الناس من كل ناحية وقالوا:
نحن على ما كنا عليه بالأمس، فابسط يدك حتى يبايعك الناس! قال: فسكت علي