مما كان منه، فقال له عثمان: يا بن الحضرمية! وليت على الناس ودعوتهم إلى قتلي، حتى إذا فاتك ما كنت ترجو وعلاك علي رضي الله عنه على الامر جئتني معتذرا، لا قبل الله ممن قبل منك.
قال: فخرج طلحة من عنده، وأشرف عثمان على الناس فقال: أيها الناس!
إن لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبا جليلا وسابقة في الاسلام، وأنا وال مجتهد، وإن أخطأت في الاجتهاد أو تعمدت فاقبلوا مني فإني أتوب إلى الله تعالى وأستغفره مما كان مني، قال: فشتمه المصريون خاصة شتما قبيحا.
فتكلم زيد بن ثابت وقال: يا معشر الأنصار! إنكم قد نصرتم النبي صلى الله عليه وسلم فكنتم أنصار الله فانصروا خليفته اليوم لتكونوا أنصار الله مرتين فتستحقوا الاجرين. قال:
فناداه جبلة بن عمرو الساعدي (١) وقال: كلا والله يا زيد! لا يقبل ذلك منك، ولا نحب أن نكون عند الله غدا من أولئك الذين قالوا: ﴿إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا﴾ (2)، والله يا زيد! إذا لم يبق من عمره إلا من بين العصر إلى الليل، لتقربنا إلى الله بدمه، قال: وصاح الحجاج بن غزية الأنصاري (3) بالقاعة من أهل مصر فقال: لا تسمعوا من هذا القائل ما قال، واعزموا على ما أنتم عليه عازمون، فوالله ما تدري هذه البقرة ما تقول.
قال: فسب القوم زيد بن ثابت. وبادر رجل من القوم إلى شيء من الحطب، فأضرم فيه النار (4) وجاء به حتى وضعه في إحدى البابين، فاحترق الباب وسقط، ودفع الناس الباب الثاني فسقط أيضا، فأنشأ المغيرة بن الأخنس بن شريق يقول:
لما تهدمت الأبواب واحترقت * تممت منهن بابا غير محترق.