بابها من داخلها، فقد تعلمون أنه ليس لنا في تستر حيلة إلا أن تفتح لنا من داخلها لأجل هذا النهر الذي يدور حولها.
قال: فانتدب له سبعون (1) رجلا أو يزيدون من أهل البصرة وأهل الكوفة فتقلدوا بسيوفهم ثم مضوا نحو تستر وعوف بن مجزأة بين أيديهم، حتى جاز بهم النهر فخاضه من الموضع الذي قد عرفه، ثم أصعدهم على عرق الجبل حتى أوقفهم على السور والحرس في وقتهم ذلك نيام لا يعقلون. قال: فنكى فيهم هؤلاء المسلمون فذبحوهم عن آخرهم، ثم قعدوا على السور ينتظرون الصبح، فلما كان وقت الصبح وثب المسلمون فصلوا بغلس (2) وركبوا دوابهم وتقلدوا سيوفهم وتناولوا رماحهم وقصدوا نحو باب تستر والباب مغلق، قال: ونزل هؤلاء السبعون الذين مضوا في أول الليل فساروا إلى باب تستر من داخل ليعالجوه فيفتحوه، وكان على الباب ثلاثة أقفال ومفاتيح الاقفال عند الهرمزدان، قال: وكبر المسلمون من خارج الباب وكبر المسلمون السبعون من داخل الباب، وسمعت الفرس بذلك فبادروا وخرجوا من دورهم وقصورهم وركبوا، وركب الهرمزدان في أساورته ومرازبته نحو الباب. قال: فجعل هؤلاء السبعون رجلا يقاتلون أهل تستر بأجمعهم، وكان قوم يعالجون فتح الباب وقوم يحاربون حتى كسروا قفلين وقتل عامة هؤلاء السبعين فما بقي منهم إلا نفر قليل. قال: وجعل المسلمون يكبرون من خارج المدينة وليس لهم في أصحابهم حيلة، فلم يزالوا كذلك حتى قتل السبعون بأجمعهم غير ثلاثة نفر، ففتحوا القفل الثالث واقتحم المسلمون مدينة تستر وهؤلاء الثلاثة أيضا داستهم الخيل فقتلتهم.
قال: وسار المسلمون بأجمعهم حتى صاروا في مدينة تستر فجعلوا يقتلون وينهبون، وخرج الهرمزدان عن مدينة تستر هاربا حتى صار إلى قلعة له، وقد كان قدم أهله وولده وعامة أمواله إلى تلك القلعة في نفر من أهل بيته وخدمه وحشمه فتحصن هنالك، وغنم أبو موسى والمسلمون جميع ما كان بتستر من أموالها وغنائمها، ومرت الفرس على وجوهها يمنة ويسرة وقد كانوا وجهوا بنسائهم وأولادهم وأموالهم ففرقوهم في البلاد خوفا من المسلمين.