أقبل إلى أبي موسى الأشعري من بعد صلاة العشاء الآخرة فقال: أيها الأمير!
أتعطيني الأمان على نفسي ومالي وولدي وأهلي وأدفع إليك هذه المدينة؟ فقال له أبو موسى: لك ذلك، فقال الفارسي: فابعث معي الساعة رجلا حتى أوقفه على الطريق الذي يتهيأ لكم أن تدخلوا المدينة منه، قال: فبعث معه أبو موسى برجل يقال له عوف بن مجزأة (1) فقال له: انطلق مع هذا الرجل حتى يوقفك على الطريق الذي يتهيأ لنا أن ندخل منه إلى مدينة تستر.
قال: فخرج عوف بن مجزأة مع نسيبه هذا الفارسي في جوف الليل حتى جاز به الفارسي نهر تستر فأوراه المخاضة من موضع عرفه، ثم مر به على عرق الجبل حتى أصعده السور. وعلى السور قوم نيام قد أوقفهم الهرمزدان في ذلك الموضع حرسا للمدينة، قال: فجاز به نسيبه رويدا رويدا حتى أنزله إلى مدينة تستر ثم جاء به إلى منزله فبات فيه، فلما أصبح نسيبه أخذ طيلسانا له فدفعه إلى عوف بن مجزأة فقال له: غط رأسك بهذا الطيلسان واتبعني، قال: فخرج المسلم يتبع نسيبه حتى جاز به على باب الهرمزدان والهرمزدان في وقته قد وضع الموائد على بابه يغدي قواده وأساورته، فقال نسيبه للمسلم: هذه دار الهرمزدان فأعرفها لتخبر أصحابك بذلك، قال: ثم جاء به حتى أوقفه على باب المدينة فعرفه إياه، وطاف به في مدينة تستر حتى أوقفه على الموضع الذي جاء به منه فقال: اعبر الآن هذا النهر وسر إلى صاحبك فخبره بما رأيت وقل له فليبعث معك بجماعة وليتبعوك حتى تدخل المدينة كما أدخلتك إياها وليحتالوا في قتل هؤلاء الحرس، فإذا كان وقت الصبح فلينزلوا إلى باب المدينة فليعالجوه حتى يفتحوه، ويكون صاحبك قد عبى أصحابه وأوقفهم على الباب، فإني أرجو أن يفتح الله هذه المدينة لكم، فإني قد أوقفتك على مدخلها ومخرجها فخبر أنت أصحابك بذلك وكن أنت الدليل لهم على فتحها.
قال: فخرج عوف بن مجزأة إلى أبي موسى فخبره بذلك، فلما كان في الليلة الثانية قال أبو موسى لأصحابه: أيها المسلمون من يهب نفسه لله تعالى في هذه الليلة فليخرج مع عوف بن مجزأة حتى يدخل بهم مدينة تستر فيكونوا هم الذين يفتحون لنا