قال: وجمع أبو موسى غنائم تستر فأخرج منها الخمس ليوجه به إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقسم باقي ذلك في المسلمين، فأعطى كل ذي حق حقه (1)، ثم سار في جميع أصحابه حتى نزل إلى قلعة الهرمزدان فحاصره بها أشد الحصار، فلما رأى الهرمزدان ما هو فيه بعث إلى أبي موسى يسأله أن يعطيه الأمان على أن يحمله إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أهله وولده وحشمه وجميع أهل بيته، فأجابه أبو موسى إلى ذلك وكتب له أمانا منشورا فبعث به إليه، فنزل الهرمزدان من قلعته، فأخذوا جميع ما كان فيها.
قال: ثم دعا أبو موسى بالهرمزدان فقيده بقيد ثقيل ووجه به وأهله وولده وجميع ما كان معه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ووجه إليه أيضا بالخمس من غنائم المسلمين من تستر (2).
قال: وبلغ ذلك أهل المدينة فجعلوا ينظرون إلى الهرمزدان ومن معه من أصحابه، قال: ودخل المسلمون المدينة وطلبوا عمر بن الخطاب في منزله فلم يصيبوه، فقال الهرمزدان: لمن تطلبون؟ قالوا: نطلب أمير المؤمنين، قال الهرمزدان: أو ليس له من يقضي حوائجه؟ قالوا: بلى ولكنه عون نفسه، قال:
فعجب الهرمزدان من ذلك.
ثم جاء المسلمون فإذا هم بعمر بن الخطاب وهو نائم في مشرفه من وراء المسجد فوقفوا عليه وسلموا، فاستيقظ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم استوى جالسا فنظر إلى الهرمزدان وإلى من معه فخر لله ساجدا ثم قال (3): الحمد لله الذي جعله وأشباهه فيئا للمسلمين.
قال: ثم وثب عمر فدخل المسجد واجتمع إليه المهاجرون والأنصار، وأتي بالخمس حتى وضع بين يديه فنظر إليه عمر وحمد الله عز وجل على ذلك. ثم دعا بالهرمزدان فأوقفه بين يديه ثم قال: يا هرمزدان! كيف رأيت صنع الله عز وجل بك؟