فقال الهرمزدان: لست بأول من نزلت به هذه النازلة، المصائب قد تصيب الرجال.
فقال عمر: صدقت فقل لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقال الهرمزدان: على هذه الحالة لا أقول، قال: عمر: فإني قاتلك، قال الهرمزدان: فإني عطشان فاسقني قبل أن تقتلني، قال عمر: ائتوه بماء حتى يشرب، قال: فأتي بماء في إناء من خشب أو غير ذلك، فقال الهرمزدان: إني لا أشرب في مثل هذا الاناء ولا أشرب إلا في جوهر، قال عمر رضي الله عنه: إنا لا نشرب في الجوهر ولا نرى ذلك، فقال له علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: فلا عليك ائته بماء في قوارير (1) فإنه جوهر أيضا، قال: فأتي بقدح فيه ماء فتناوله، فقال له عمر: اشرب! فقال الهرمزدان:
أخاف أن تقلني قبل أن أشربه، قال عمر (2): فلك الله عز وجل راع وكفيل لا أقتلك أو تشربه، قال: فرفع الهرمزدان القدح فضرب به الأرض فكسره، فقال عمر: أيها المسلمون ما ترون في هذا؟ فسكت المسلمون، فقال علي (3) رضي الله عنه: إنك قد أعطيته الأمان وحلفت له أن لا تقتله أو يشرب الماء، فلم يشربه فليس لك أن تقتله، ولكن ضع عليه الجزية وذره ليكونن بالمدينة. فقال الهرمزدان: إنه لا توضع الجزية على مثلي وأنا ملك وابن ملك غير إني داخل في دين الاسلام طائعا غير مكره وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. قال: وأسلم الهرمزدان وأسلم كل من كان معه من أهل بيته وولده وخدمه وحشمه، فأمر عمر رضي الله عنه بفك قيده وقربه وأدناه وفرح بإسلامه، وخلطه المسلمون بأنفسهم.
قال: ودخل رجل من المسلمين (4) ممن كان مع أبي موسى إلى قلعة الهرمزدان فجعل يدور فيها، فبينا هو كذلك إذ نظر إلى تمثال من حجر وقد مد يده كذا نحو الأرض، قال: وكان هذا المسلم داهيا فقال: ما وضع هذا التمثال في هذا الموضع مادا يده إلى الأرض إلا وتحت يده كنز! ثم جاء إلى أبي موسى الأشعري فخبره بذلك، فأرسل أبو موسى بثقات من أصحابه وأمرهم، فحفروا تحت التمثال فإذا هم بسفط عظيم مقفل، فحملوه إلى أبي موسى، فأمر به ففتح فإذا دنانير كثيرة