بإخراجها من محبسها، فأخرجت.
ثم أرسل إلى نصر بن الحجاج أن أخرج (1) من المدينة والحق بالبصرة فكن بها إلى أن يأتيك أمري. قال: فمضى نصر بن الحجاج إلى البصرة فنزلها ثم كتب إلى عمر أبياتا، قال: فلما وصلت الأبيات إلى عمر ونظر فيها كتب إلى أبي موسى الأشعري وأمره بالوصاءة به إن أحب أن يقيم بالبصرة وإن أحب الرجوع إلى المدينة فذاك إليه، فاختار الفتى الإقامة بالبصرة. فلم يزل مقيما بها إلى أن خرج أبو موسى الأشعري إلى محاربة أهل الأهواز، فخرج معه هذا الفتى نصر بن الحجاج في هذا الجيش، فلما كان يوم تستر مر به أبو موسى وهو على فرس له أشقر، فجعل يطيل النظر إلى الفرس، فقال له نصر بن الحجاج: ما لي أراك قد أطلت النظر إلى فرسي! فقال له أبو موسى مداعبا له: ليس فرسك هذا بشيء ولكنه حسن القميص، فهل لك أن تبيعنيه؟ قال: فغضب نصر بن الحجاج فقال: أيها الأمير! أنت بالبقر أبصر منك بالخيل، فقال له أبو موسى: صدقت يا بن أخي إني لأرى بقرتك هذه حديدة القرن، دقيقة الاذن، عريضة الجبهة، جيدة الجوف قريبة من الأرض، فاشدد يدك بها، فقال له نصر بن الحجاج: فلا عليك أيها الأمير أن تسابقني ببقرتك هذه التي تحتك، قال: وجعل نصر بن الحجاج: يحدث أبا موسى بهذا الكلام وهو يستحي أن يرفع رأسه. قال: والتفت ابن عم لنصر بن الحجاج إلى أبي موسى فقال: أيها الأمير! إني أراك قد عبت فرس ابن عمي هذا وإن فرسك لأشبه شيء بالبقر، لأنه عظيم الرأس، أخطل (2) الاذنين، مهلوب (3) الذنب، قصير الرجلين، قال: فضحك أبو موسى ثم قال: يا أخا بني سليم! إني لم أرد بكلامي ابن عمك إلا خيرا وإنما كانت مني إليه مداعبة، فذر عنك الغضب رحمك الله وعليك بالجهاد.