وخهانيل بن فيروز وشروميان بن اسفنديار، وأنهم قد تعاهدوا وتعاقدوا وتحالفوا وتكاتبوا وتواصوا وتواثقوا على أنهم يخرجوننا من أرضنا ويأتونكم من بعدنا، وهم جمع عتيد وبأس شديد ودواب فره وسلاح شاك ويد الله فوق أيديهم، فإني أخبرك يا أمير المؤمنين أنهم قد قتلوا كل من كان منا في مدنهم، وقد تقاربوا مما كنا فتحناه من أرضهم، وقد عزموا أن يقصدوا المدائن ويصيروا منها إلى الكوفة، وقد والله هالنا ذلك وما أتانا من أمرهم وخبرهم، وكتبت هذا الكتاب إلى أمير المؤمنين ليكون هو الذي يرشدنا وعلى الأمور يدلنا، والله الموفق الصانع بحول وقوته، وهو حسبنا ونعم الوكيل، فرأي أمير المؤمنين أسعده الله فيما كتبته والسلام.
قال: فلما ورد الكتاب على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقرأه وفهم ما فيه وقعت عليه الرعدة والنفضة حتى سمع المسلمون أطيط أضراسه، ثم قام عن موضعه حتى دخل المسجد وجعل ينادي: أين المهاجرون والأنصار؟ ألا! فاجتمعوا رحمكم الله وأعينوني أعانكم الله.
قال: فأقبل إليه الناس من كل جانب، حتى إذا علم أن الناس قد اجتمعوا وتكاملوا في المسجد وثب إلى منبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم وآله) فاستوى عليه قائما وإنه ليرعد من شدة غضبه على الفرس، فحمد الله عز وجل وأثنى عليه وصلى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال (1): أيها الناس! هذا يوم غم وحزن فاستمعوا ما ورد علي من العراق، فقالوا: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال: إن الفرس أمم مختلفة أسماؤها وملوكها وأهواؤها وقد نفخهم الشيطان نفخة فتحزبوا علينا وقتلوا من في أرضهم من رجالنا، وهذا كتاب عمار بن ياسر من الكوفة يخبرني بأنهم قد اجتمعوا بأرض نهاوند في خمسين ومائة ألف وقد سربوا عسكرهم إلى حلوان وخانقين وجلولاء، وليست لهم همة إلا المدائن والكوفة، ولئن وصلوا إلى ذلك فإنها بلية على الاسلام وثلمة لا تسد أبدا، وهذا يوم له ما بعده من الأيام، فالله الله يا معشر المسلمين! أشيروا علي رحمكم الله، فإني قد رأيت رأيا غير أني أحب أن لا أقدم عليه إلا بمشورة منكم لأنكم شركائي في المحبوب والمكروه.