لم يحصل الامتثال إلا بملاحظة كل واحد منها، إذ المطلق لا أمر به كي يصح امتثاله، والفعل لا مشخص له مع اشتراكه إلا بالنية، ومتى كان الأمر متحدا وإن تعددت أفراده لا يجب التشخيص، لصدق الامتثال بدونه قطعا، وذلك كقضاء أيام شهر رمضان الذي هو في الحقيقة كوفاء الدين، والأمر الضمني لا يقتضي التنويع، ففي الكفارات مع اجتماع أسبابها كالظهار والقتل خطأ أو أحدهما مع الافطار في شهر رمضان لا بد من التعيين، لأنها أوامر متعددة متنوعة، ولا مدخلية لاتفاق حكم الكفارة بالترتيب والتخيير وعدمه، ضرورة عدم اقتضاء الأول اتحاد الأمر الذي قد عرفت أنه المناط في عدم وجوب التعيين.
فما سمعته في المختلف - من التفصيل بين المتفقة حكما فلا يجب التعيين بخلاف المختلفة في الترتيب والتخيير فيجب - واضح الفساد، كما أن القول بوجوب نية التعيين في أفراد متحدة السبب ككفارات الظهار مثلا على وجه لا يجزئ إلا نية خصوص كل منها بأحد مشخصاتها كذلك أيضا، ضرورة أنها أفراد أمر واحد، وتعددها بتعدد السبب لا يقتضي تعدد أوامرها على وجه التنويع، ضرورة كون السبب في جميعها الأمر بالكفارة للظهار، وفي الحقيقة مع تعدد السبب - مرتين مثلا - كان كالأمر بعتق رقبتين، بل كالأمر بوفاء الدرهمين وإن استقرضهما بعقدي القرض مثلا بخلاف اختلاف الجنس كالقتل والظهار، فإن لكل منهما أمرا مستقلا بكفارته بتوقف امتثاله على تشخيصه، وكان الشيخ في المبسوط ظن أن هذه الأسباب كأسباب الدين المختلفة بالقرض والجناية والشراء مثلا، فإنه مع اجتماع القدر المخصوص منها في الذمة يكفي في صدق الوفائية الدفع المطلق عنها من دون تشخيص، ولكنه كما ترى، ضرورة الفرق بين أوامر العبادة الملاحظ فيها قصد الامتثال وغيرها، فلا بد من ملاحظة كل واحد منها بإحدى مشخصاته في صدق امتثاله.
وبذلك كله بان لك الوجه في اختلاف كلماتهم، وأن التحقيق فيها ما ذكرناه،