بل مقتضى إطلاقهم أو بعضهم جواز الطلاق مع الغيبة وإن انحصر أمرها بكونها في طهر المواقعة أو في حال الحيض، إذ هو كما ترى مناف لاستصحاب بقائها على الطهر، مع أنه لا شاهد له سوى اختلافها مع اتحاد راوي الثلاثة (1) والواحد (2) منها وهو أعم من ذلك، بل ليس أولى من الجمع بينها بحمل نصوص الثلاثة على الحد الأوسط لخبري الواحد المنزل على الحد الأدنى، وتقييد إطلاق نصوص الغائب به، فيجوز حينئذ بعد مضي الشهر، كما عن الشيخ في النهاية وابن حمزة وغيرهما.
وإليه أشار المصنف بقوله: (ومن فقهائنا من قدر المدة التي يسوغ معها طلاق الغائب بشهر عملا برواية يعضدها الغالب في الحيض) كما أنه أشار إلى سابقه بقوله: (ومنهم من قدرها بثلاثة أشهر عملا برواية جميل عن أبي عبد الله عليه السلام) (3) وقد يقال: إن مرجع القول بالشهر إلى ما ذكرنا من أن به - مضافا إلى العدة - يتحقق الحمل غالبا في المستوية المستقيمة غير المسترابة أو تكون حائضا، وهو غير قادح في الغالب، بل يمكن إرادة الكناية عن الانتقال إلى طهر آخر.
وعلى كل حال فلا ريب في أن ما ذكرناه من وجه الجمع أولى من توجيهه بما ذكره الشيخ - وتبعه عليه جماعة بل أكثر المتأخرين على ما قيل - من أن سببه اختلاف عادة النساء في الحيض بالنسبة إلى الشهر والثلاثة والأربعة والأزيد من ذلك والأنقص، فيكون المدار على العلم بالانتقال من طهر المواقعة إلى زمان طهر آخر.
وإليه أشار المصنف بقوله: (والمحصل ما ذكرناه وإن زاد على الأمد