إنما الكلام في تحديد الاضطرار المذكور في المتن وغيره، وقد عرفت أن الموجود في مكاتبة الصفار (1) الاحتياج الذي قد يتوهم إرادة العرفي منه.
لكن قد يشكل بظهور المكاتبة المزبورة في جوازه من دون إذن من الزوج، وهو في الزوجة - فضلا عن المعتدة - محل منع، نعم مع فرض الاضطرار الذي مرجعه إلى تكليف شرعي صالح لمعارضة حرمة الخروج يتجه حينئذ عدم اعتبار الإذن، بل يكون أصل تحريم الخروج مقيدا بغير الفرض، وليس هو من أقسام التعارض الذي ينظر فيه الأهم وغيره، فتأمل جيدا، فإنه لا كلام لهم منقح في ذلك كما في كثير من مسائل المقام.
ثم إنه قد يظهر من قول المصنف: " فتخرج لإقامته " كون المستثنى الخروج لإقامة الحد عليها، فتعود حينئذ إلى المسكن، كما هو المحكي عن بعضهم، تقديرا للضرورة بقدرها، لكن فيه أن المنساق من الآية (2) سقوط احترامها بهتكها لسترها بفعل الفاحشة، فحينئذ لا يجب ردها إليه، للأصل بعد أن كان خروجها في الحال المزبور من المستثنى، ولأنه لو كان ذلك للحد لوجب مراعاة ما ذكروه فيه: من أنها إن كانت مخدرة أقيم الحد عليها في منزلها، وإلا جاز إقامة الحد عليها في خارجة.
هذا وفي المسالك " حيث تخرج لأذى أحمائها أو لم نوجب في الأول إعادتها ينقلها الزوج إلى منزل آخر مراعيا للأقرب فالأقرب إلى مسكن العدة ".
وفيه (أولا) أن وجوب الأقرب وإن صدر من الشيخ وغيره في صورة تعذر سكنى منزل الطلاق كما ستسمع لكن لا دليل عليه بحيث يوافق أصولنا. و (ثانيا) أنه يمكن أن يقال بعدم وجوب ملاحظة حكم الاعتداد في غير منزل الطلاق، لأن النهي في الآية (3) عن الاخراج والخروج عن بيوتهن التي كن فيها قبل الطلاق