فيه الحرة والأمة، لكن ظاهرها أن الصبر تلك المدة ليس للعدة، بل إنما هو لمعرفة البراءة، وأما العدة فهي الأشهر الثلاثة التي بعدها، وبمقتضى ذلك يجب عليها الصبر هنا بعد التسعة بشهر ونصف البتة إلا أني لم أقف على مفت بذلك، بل هم ما بين مفت بتسعة ومصرح بعدم وجوبها والاكتفاء بأشهر ثلاثة، التفاتا إلى ظهور الحمل في هذه المدة واختصاص الأمر بالزيادة بالحرة، والمناقشة فيه بعد ما عرفت واضحة ".
قلت: لا يخفى عليك ما فيه من وجوه النظر بعد الإحاطة بما ذكرناه هناك، وما أدري ما النصوص التي أشار إليها، فإن كان خبر سورة (1) فهو ليس إلا خبر واحد، وقد عرفت الحال فيه، وإن كان المراد نصوص (2) مدعية الحمل فهي غير الاسترابة فيه التي قد عرفت عدم اقتضائها وجوب التربص تسعة وإن استرابت وظهرت أماراته من حركة ونحوها اللهم إلا أن يعلم أنها حامل، ومدعية الحمل غير المسترابة فيه، بل هي بزعمها أنها من ذوات الأحمال، وقد عرفت أنها لا تعتد بعد التسعة، كما أوضحنا الحال فيه هناك، فلاحظ وتأمل حتى تعرف وجوه النظر في كلامه.
وقد سبقه إلى هذا الوهم المقداد في التنقيح، بل إنما اغتر به، لأنه قال في شرح قول المصنف في النافع: " ولو كانت - أي الأمة - مسترابة فخمسة وأربعون يوما ": " هذا هو المشهور، وقال ابن الجنيد: لو اعتدت بشهرين كان عندي أحوط، قال: فإن استرابت بالحمل انتظرت ثلاثة أشهر، قال العلامة: الوجه أنها مع الريبة تنتظر تسعة أشهر كالحرة، لتساويهما في زمان الحمل - ثم اعترضه بأنه لا حاجة إلى التسع، لأن العلم بالحمل لا يتوقف على مضي أقصى غايته - ولو قلنا بذلك في الحرة فلا تحمل الأمة عليها، بل يكتفى بثلاثة أشهر، لأنه بمضي ذلك يعلم الحمل، فعدتها بوضعه أو عدمه، فعدتها بالأشهر " وما حكاه عن العلامة هو ما وقع له في المختلف.