بعد تحققه، فليس حينئذ قبول دعوى عدم القصد من الزوج منافيا لحق الغير على وجه يقتضي عدم سماعها من مدعيها كغيرها من الدعاوى التي هي كذلك وإن كانت هي مقبولة في نفسها لولا هذا التعارض، لما عرفت من استقلاله بالسبب واختصاصه بفعله، فيصدق فيه بما لا يعلم إلا من قبله، واللفظ بمجرده غير معارض، لعدم دلالته على نفس القصد، وإنما حكم به بظاهر حال الفاعل العاقل، ولعله بذلك يفرق بين المقام والاقرار الذي يتبع الحكم فيه صدقه، فمع فرض تحققه عرفا لا يقبل الانكار منه، لعموم " إقرار العقلاء " (1).
كما أنه قد يقال في وجه اختصاص الحكم المزبور بالعدة إنه ما دامت فيها يقبل منه ذلك، لبقائها في تعلقه وفي يده على وجه يقبل قوله في الفعل المتعلق بها، نحو إخبار صاحب اليد بما يقبل منه ما دام هو كذلك، وإلا لم يقبل قوله، وبخروجها عن العدة تكون أجنبية لا يقبل قوله في الفعل المتعلق بها، نحو إخبار صاحب اليد بالمال بعد خروجه من يده.
ومن هنا يمكن الفرق بين الطلاق وغيره من أقسام الايقاع التي لا مدة لها يبقى فيها التعلق، ومنها الطلاق الذي لا عدة له، كطلاق غير المدخول بها، فإنه لا يقبل منه دعوى عدم القصد حينئذ، لصيرورتها أجنبية، وحينئذ يكون الأصل فيما نحن فيه قبول إخباره بما لا يعلم إلا من قبله مع بقاء متعلق الخبر تحت يده وإن كانت بائنة، فإنه لا ينافي تعلق الزوج بها بالعذر المزبور وإن لم يثبت لها أحكام الرجعة، وثبوت العدة للموطوءة شبهة لا يقتضي سقوط التعلق المزبور على وجه يترتب عليه الحكم المذكور.
وربما أشار إلى بعض ما ذكرنا في كشف اللثام حيث إنه بعد أن حكى الحكم المزبور عن الشيخ وغيره وتعليله بما عرفت قال: " والفرق بين ما بعده وما قبلها أنها في العدة في علقة الزوجية، وبعدها قد بانت وربما تزوجت بغيره، فلا يسمع قوله في حقه وإن صدقته، ولأن الامهال إلى انقضاء العدة وتعريضها للأزواج