ولا يعتبر عندنا في الحكم ببطلان طلاق المكره عدم التمكن من التورية بأن ينوي غير زوجته أو طلاقها من الوثاق أو يعلقه في نفسه بشرط أو نحو ذلك وإن كان يحسنها ولم تحصل له الدهشة عنها، فضلا عن الجاهل بها أو المدهوش عنها، لصدق الاكراه، خلافا لبعض العامة، فأوجبها للقادر.
ولو قصد المكره إيقاع الطلاق ففي المسالك وغيرها " في وقوعه وجهان:
من أن الاكراه أسقط أثر اللفظ ومجرد النية لا تعمل، ومن حصول اللفظ والقصد، وهذا هو الأصح قلت: مرجع ذلك إلى أن الاكراه في الظاهر دون الواقع، وقد تكرر من العامة والخاصة خصوصا الشهيد الثاني في المسالك والروضة في المقام وفي البيع أن المكره حال إكراهه لا قصد له للمدلول، وإنما هو قاصد للفظ خاصة، وفيه منع واضح، ضرورة تحقق الانشاء والقصد فيه، ولذا ترتب عليه الأثر مع الاكراه بحق، ومع تعقب الإجازة بالعقد بل ظاهر قوله عليه السلام: (1) (إنما الطلاق) إلى آخره تحقق الإرادة من المكره، بل لعل عدم القصد للمدلول في المكره من التورية التي لم نوجبها عليه، وحينئذ فالمكره قاصد على نحو غيره إلا أنه قصد إكراه لا قصد اختيار، وإن شئت عبرت عن ذلك بالرضا وعدمه.
ومن هنا يظهر لك ما في عنوان الوجهين السابقين المبني على كون المكره غير قاصد، وعليه كان المتجه حينئذ إدراجه في الشرط الرابع، لا أنه يجعل شرطا مستقلا، نعم قد يقال: إن الهازل يقصد اللفظ دون المعنى فلا إنشاء له حينئذ، وبه يتضح الفرق فيهما، أو يقال: إنه قاصد أيضا إلا أنه قصد هزلي لا أثر له في الشرع للأدلة الخاصة ولو تعقبه الرضا، بل قد عرفت اشتمالها على بطلان طلاق الغضبان وإن كنت لم أعرف من أفتى به إلا مع ذهاب العقل به أو القصد، فتأمل جيدا، ولاحظ ما ذكرناه في كتاب البيع.
ولو قال: طلق زوجتي وإلا قتلتك فطلق ففي المسالك في وقوع الطلاق