وجهان: أصحهما الوقوع، لأنه أبلغ في الإذن، قال: " ووجه المنع أن الاكراه يسقط حكم اللفظ فصار كما لو قال لمجنون: طلقها فطلق، والفرق بينهما أن عبارة المجنون مسلوبة أصلا بخلاف عبارة المكره، فإنها مسلوبة بعارض تخلف القصد، فإذا كان الأمر قاصدا لم يقدح إكراه المأمور " قلت: هذا مبني أيضا على ما سمعت من خلو المكره عن القصد، وقد عرفت الحال، نعم قد يشكل بناء على عدم جواز الفضولية في الطلاق بأن اللفظ المزبور الواقع من المكره لم يكن لفظ المكره لأن الفرض عدم الوكالة عنه شرعا، وكونه أبلغ في الإذن لا يقتضي صيرورة لفظه لفظه ليترتب عليه حكمه، ودعوى الاكتفاء بقصد الأمر وإن خلا المكره عن القصد لا دليل عليها، وكذا الكلام فيما لو أكره الوكيل على الطلاق دون الموكل فتأمل جيدا.
ولو توعده بفعل مستقبل كقوله: إن لم تفعل لأقتلنك مثلا ففي عده إكراها نظر، من حصول الخوف بايقاع الضرر، ومن سلامته منه الآن والتخلص من الضرر يحصل بايقاعه عند خوف وقوعه في الحال، وفي المسالك " وهذا أقوى، نعم لو كان محصل الاكراه في الأجل على أنه إن لم يفعل الآن أوقع به المكروه في الأجل وإن فعله ذلك الوقت ورجح وقوع المتوعد به أتجه كونه إكراها، لشمول الحد له قلت: الظاهر عده إكراها عرفا.
هذا وفي المسالك أيضا " ولو تلفظ بالطلاق ثم قال: كنت مكرها وأنكرت المرأة فإن كان هناك قرينة تدل على صدقه بأن كان محبوسا قدم قوله بيمينه، وإلا فلا، ولو طلق في المرض ثم قال: كنت مغشيا على أو مسلوب القصد لم يقبل قوله إلا ببينة تقوم على أنه كان زائل العقل في ذلك الوقت، لأن الأصل الصحة، وإنما عدلنا في دعوى الاكراه عن ذلك بالقرائن، لظهورها وكثرة وقوعها ووضوح مراتبها بخلاف المرض " قلت: ستعرف قبول قوله في عدم القصد على وجه لا يعارضه أصل الصحة، نعم قد يفرق بين نسبته مع ذلك إلى سبب كالاكراه والغشيان وعدمه،