وليا بعد الموت بطل - واضحة الفساد، ضرورة عدم شركة أحد الأبوين الكاملين حال حياتهما في الولاية، على أن معنى الوصاية نقل الولاية بعد الموت، وهو الذي أراده الموصي، بل لو صرح بإرادة غيره مما يقتضي تحققها قبل الموت، بطل على الظاهر، والتعليق فيها غير مناف، لأن بناءها عليه، وقد شرعت على الوجه المزبور، كما لا ينافيه في تعليق الوصية التمليكية، بل هما عند التأمل من واد واحد، وإن اختلفا في بعض الأحكام لكنهما متحدان في أن الوصاية نقل الولاية، والوصية نقل الملك مثلا، والتزام حصول الملك المتزلزل للموصى له حال الوصية، مما لا يجوز نسبته للمتفقه فضلا عن الفقيه، خصوصا بعد أن كان المعلوم من حال كل موص أن قصده حصول الأثر بعد الوفاة، سواء كان ملكا أو ولاية، وبذلك كله يظهر ضعف بقية الأقوال المشتركة في اعتبار الشرائط من حين الوصية، الذي قد عرفت عدم الدليل عليه.
نعم يبقى الكلام في اعتبار استمرار الشرائط من حين الوفاة إلى حين الانتهاء في استمرار الوصاية وعدمه، أما احتمال اشتراط الاستمرار في أصل الوصاية - على معنى انكشاف فسادها بالعروض في الأثناء، كما هو مقتضى اطلاق بعضهم شرطيته - فواضح الفساد، وإلا لاقتضى فساد تصرفاته جميعها قبل العروض، ومن المعلوم ضرورة بطلانها، كما أن من المعلوم عدم كونه وليا متصرفا حال عروضها.
إنما البحث في انفساخ الوصية بعروض ذلك بعد الوفاة - فلا تعود حينئذ، وعدمه - وإن كان لا تصرف له حينئذ، بل أقصاه قيام الحاكم مثلا مقامه، فإذا زال العارض عادت ولايته، كالأب الذي اعتراه الجنون ثم زال، فإنه لا تنقطع بذلك ولايته على ولده الصغير - احتمالان: بل الثاني منهما لا يخلو من قوة، وإن ظهر من بعضهم المفروغية من بطلان الوصاية بذلك، حتى أنه حمل قول القائل باشتراطها حال الوفاة، ومن حين الوصية إليها - على ذلك، تجنبا عن التزام عدم بطلانها بذلك، والظاهر أنه اشتباه، فإن أقصى ما يمكن القطع به، عدم صحة تصرفاته مع عروض العارض، لعدم العقل ونحوه، لا بطلان الوصاية من رأس، بل يمكن دعوى عدم القطع ببطلانها كذلك بعروض العارض قبل الوفاة بعد الوصية وإن استمر إليها