الذي أوصى أن له قبل الذي أشركه في الوصية خمسين وماءة درهم وعنده رهن بها جام فضة، فلما هلك الرجل أنشأ الوصي يدعي أن له قبله أكرار حنطة قال: إن أقام البينة، وإلا فلا شئ له، قال: قلت له: أيحل له أن يأخذ مما في يده شيئا قال: لا يحل له، قلت: أرأيت لو أن رجلا عدا عليه فأخذ ماله فقدر على أن يأخذ من ماله ما أخذ أكان ذلك له، قال: " إن هذا ليس مثل هذا " لانقطاع الأصل بما عرفت، وخروج الموثق عن الفرض باعتبار الاشتراك في الوصية على وجه ليس لأحدهما الاستقلال بالتصرف من دون إذن الآخر، الذي ليس له إجازة هذا الأخذ من دون اثبات، مع أنه لم يعلم الوصاية فيه على وفاء الدين، والمقاصة مع عدم علم المقتص منه، وكون امتناعه على الشرع غير مشروعة، وأنها موضوعها نحو ما في الخبر " الأخذ من مال من عدا عليك "، " وأخذ مالك " المندرج في قوله تعالى (1) " من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " ومن هنا قال: إن هذا ليس مثل ذاك.
ومن ذلك يعلم أيضا الفرق بين موضوع الفرض وبين الأجنبي الذي له دين ضرورة كون الفرض أن الديان الوصي الذي له الولاية على وفاء الدين، بأي فرد شاء من أفراد التركة، بخلاف الأجنبي، فإنه لا ولاية له على ذلك، ولذا جعل الأصحاب موضوع المسألة الوصي.
نعم قد استدل بعض الناس له بالمقاصة، وبأنه محسن في استيفاء الدين " وما على المحسنين من سبيل (2) " ومقتضاهما عدم الفرق بين الأجنبي والوصي في ذلك، و يتأتى البحث حينئذ في اشتراط المقاصة بإذن الحاكم وعدمه، مع اختلاف الجنس أو مطلقا، وبعدم التمكن من قيام البينة وامكانه، وإن كان قد يقوى في النظر عدم اشتراط شئ من ذلك في الممتنع، عملا باطلاق أدلة المقاصة من غير فرق بين المديون نفسه ووارثه لاطلاق أدلة المقاصة (3)، وكذا من تعذر له الوصول إلى حقه، لعدم البينة المثبتة مثلا، وإن لم يكن امتناع