بخلاف الفاسق الذي هو مظنة الفساد، لا أنه لا يجوز تولية الفاسق الذي يعلم الصلاح في توليته، لكون فسقه بما لا يضر المولى عليه كما هو واضح، بل لو وقع ذلك من الموكل والموصي، ولم يعلم الحال لا بد لنا من حمل فعلهما على الوجه الصحيح وهو الذي يعلم الولي عدم مفسدته أو صلاحه، لا أنه يحمل على معلوم الفساد، كي يحكم ببطلان وصايته.
ومن الغريب أن بعض من اشترط عدالة الوصي قال: واعلم أن هذا الشرط إنما اعتبر ليحصل الوثوق بفعل الوصي، ويقبل خبره كما يستفاد ذلك من دليله لا في الفعل في نفسه، فلو أوصى إلى من ظاهره العدالة، وهو فاسق في نفسه، ففعل مقتضى الوصية، فالظاهر نفوذ فعله وخروجه عن العهدة، ويمكن كون ظاهر الفسق كذلك لو أوصى إليه فيما بينه وبينه وفعل مقتضاها، بل لو فعله ظاهرا كذلك لم يبعد الصحة وإن حكم ظاهرا بعدم وقوعه، وضمان ما ادعى فعله، وتظهر الفائدة لو فعل مقتضى الوصية باطلاع عدلين، أو باطلاع الحاكم، نبه على ذلك في التذكرة والروضة، وهو حسن.
قلت: وقريب منه ما صرح في جامع المقاصد، ولا يخفى عليك منافاة ذلك لاشتراط العدالة في الوصي، في سياق اشتراط العقل، ونحوه مما يقضي بانعدام المشروط بعدمه، وأقصى ما يقال في دفعه أنه يمكن تنزيله على أن المراد أنها شرط في صحة الاستنابة، لا في صحة النيابة، وأنت إذا تأملت لم تجد لهذا الكلام حاصلا ينطبق عليه ظاهرا من ذكر ذلك شرطا على حسب اشتراط العقل ونحوه.
وأغرب من هذا ما عساه يظهر من بعضهم من الاستدلال على اشتراط العدالة بأن الفاسق لا يصلح للولاية على الطفل، وفيه أنه لا خلاف ظاهرا في ثبوت ولاية الأب والجد على الطفل، وإن كانا فاسقين، بل في جامع المقاصد الاعتراف بأن ذلك مقتضى النص والاجماع وأنه لا دليل على اشتراط العدالة.
نعم قال: فيدفع محذور الفسق بأن الحاكم متى ظهر عنده بقرائن الأحوال، اختلال حال الطفل إذا كان للأب عليه ولاية، عزله ومنعه من التصرف في ماله، و