والكف والاجتناب عن الكبائر والقبائح، وعدم الإخلال بالواجب، فإن المتفاهم عرفا من هذه العبارات إرادة ملكة هذه الأمور.
فإن من قال: اشتر عبدا كاتبا قارئا بشاشا، لا يفهم منه إلا صاحب ملكات هذه الصفات لا نفس الفعل.
بل وكذا لو قال: اشتر عبدا ورعا عفيفا مجتنبا عن مخالطة الأرذال، أو قال: لا تجالس إلا غير مخل بالواجب، ونحو ذلك، لا يفهم منه عرفا غير ذي الملكات، بل لولاه لكان المراد إما المتلبس بهذه الآثار دائما، أو أغلبيا، ضرورة عدم إرادة مجرد التلبس حال الشهادة.
والمتلبس بها دائما أو غالبا لا ينفك عن الملكة، لأنها مسببة عن تكرر الآثار، مع أنا نعلم قطعا أنهم لا يعدون مطلق الملبس بها - ولو دائما، حتى الذي كان تلبسه لأجل مانع من الترك، كعدم التمكن من شرب الخمر أو الزنا، لعدم الانفكاك عمن يراقبه، أو عدم تركه الصلاة لأجل مخالطة الناس، ولولاه لترك - عادلا قطعا، ما لم يكن ذلك من جهة نفسانية، فيكون مرادهم ملكة هذه الآثار قطعا.
نعم، تختلف كلماتهم فيما تضاف إليه الملكة، فمنهم من عبر بملكة الورع (1)، ومنهم من عبر بملكة الاجتناب عن الكبائر والإصرار على الصغائر (2)، ومنهم من عبر بملكة عدم الإخلال بالواجب وعدم ارتكاب القبائح (3)، ومنهم من عبر بملكة التقوى (4)، إلى غير ذلك.. ومرجع الكل إلى أمر واحد.