وأما الثانية: فلأن على ما ذكر لا يجوز للأصل الشهادة عند الحاكم إلا مع استنادها إلى ما ذكر، فبعد سماعها حينئذ يعلم الشهادة الشرعية، ويصير متحملا.
وأما الثالثة: فلأن ذكر السبب قرينة على مشاهدة السبب، لأنه ظاهر فيها، فيصدق تحمل الشهادة.
بخلاف المرتبة الرابعة، فإن الفرع لما لم يكن في مقام الإشهاد، ولا في مقام الشهادة، ولم يذكر أيضا قرينة ظاهرة في المشاهدة - وكثيرا ما يطلق لفظ الشهادة في الأخبار على الجازم مطلقا، بأي نوع حصل الجزم، حتى عرفها به بعض الفقهاء (1)، وتداول استعمالها فيه عرفا عند أهل العرف، بل المتشرعة - لا يعلم أن شهادته هل هي بالعلم الحاصل من المشاهدة، أو مطلق العلم، فلا تقبل.
وقد صرح بذلك الحلي في السرائر، حيث إنه - بعد ما نقلنا عنه، وذكر عدم التحمل بالمرتبة الرابعة - قال: لأن قوله: أشهد بذلك، ينقسم إلى الشهادة بالحق، ويحتمل العلم به على وجه لا يشهد به، وهو أن يسمع الناس يقولون كذا وكذا، فلذا وقف التحمل لهذا الاحتمال، فإذا حقق ما قلنا زال الإشكال (2). انتهى.
وبما ذكرنا ظهر أن ما قيل كما نقلنا عنه -: إنه ينبغي الرجوع إلى مقتضى الأصول - ناشئ عن الغفلة عن فهم مراد الشيخ، بل مراده هو مقتضى الأصول، واعتبار مطلق العلم ليس بمقتضاه.
وكذا ظهر ما في كلام صاحب التنقيح والمحقق الأردبيلي.