الترجيع، مع أن الوارد في بعض الأخبار المذكورة الأمر بالقراءة بالحزن أو بصوت حزين، وفي بعضها تحسين الصوت، ولا شك أن الترجيع أحد أفراد القراءة بالحزن، والتحسين أيضا.
وتدل على الجواز أيضا رواية أبي بصير الصحيحة عن السراد - المجمع على تصحيح ما يصح عنه - وفيها: " ورجع بالقرآن صوتك، فإن الله يحب الصوت الحسن يرجع به ترجيعا " (1).
والعامي المروي في المجمع: " فإذا قرأتموه " أي القرآن " فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا وتغنوا به، فمن لم يتغن بالقرآن فليس منا " (2).
وردا بمعارضتهما مع رواية ابن سنان: " اقرأوا القرآن بألحان العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق والكبائر، فإنه سيجئ بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانية، لا يجوز تراقيهم، قلوبهم مقلوبة، وقلوب من يعجبه شأنهم " (3).
مضافا إلى ما في الأولى من منع كون مطلق الترجيع غناء، ولا يفيد انضمام الحزن المأمور به معه أيضا في حصول الغناء، لأن المأمور به هو حزن القارئ، والمعتبر في الغناء هو حزن السامع.
وما في الثانية من احتمال كون المراد طلب الغناء ودفع الفقر.
وفيه: أن الرواية ليست معارضة لما ذكر، بل معاضدة له، للأمر بالقراءة بألحان العرب، واللحن هو التطريب والترجيع.