دليل عليه، ففي المذكور هنا دليل على المحذوف وهو قوله تعالى: * (ولكن يريد ليطهركم) *. * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) * وقوله تعالى عند ذكر البدل: * (أو جاء أحد منكم من الغائط) * وقد علم أن البدل إنما يجب عند عدم الأصل بما يجب به الأصل، فظهر أنا إنما جعلنا الحدث شرطا لوجوب الوضوء عند القيام إلى الصلاة بدلالة النص لا بطريق التعليل والاستنباط بالرأي. وكذلك قوله عليه السلام: لا يقضي القاضي حين يقضي وهو غضبان إنما عرفنا أن المراد النهي عن القضاء عند شغل القلب لمخافة الغلط بدليل الاجماع لا بطريق الاستنباط بالرأي، والاجماع حجة سوى الرأي، فإن التعليل بالرأي يكون بعد الاجماع بالاتفاق، وكيف يستقيم أن لا يكون للنص حكم بعد التعليل والشرع ما جعل التعليل بالرأي إلا بعد النص وإلا لاثبات الحكم فيما لا نص فيه. وبيان هذا في حديث معاذ حين قال له: (كيف تقضي) وحديث نص الربا هكذا، فإن المساواة في الكيل إنما عرفناه بالنص لا بالرأي وهو قوله عليه السلام في بعض الروايات مكان قوله (مثل بمثل) (كيل بكيل) أو بالاجماع، فقد اتفقوا أنه ليس المراد من قوله (مثل بمثل) إلا المماثلة في الكيل، وكذلك (في) قوله:
(إلا سواء بسواء) اتفاق أن المراد المساواة في الكيل، فعرفنا أن من قال في هذه المواضع بأن الحكم دار مع العلة وجودا وعدما والمنصوص عليه قائم في الحالين ولا حكم له، فهو مخطئ غير متأمل في مورد النص ولا فيما هو طريق التعليل في الفقه. ثم الدليل على أن انعدام الحكم عند عدم الوصف لا يكون دليل صحة العلة ما ذكرنا من الشرط، ولان ثبوت الحكم لما كان بورود الشرع به فانعدام الحكم عند انعدام العلة الموجبة شرعا يكون بالعدم الذي هو أصل فيه لا أن يكون مضافا إلى العلة حتى