باب: وجوه الاعتراض على العلل الطردية التي يجوز الاحتجاج بها هذه الوجوه أربعة: القول بموجب العلة، ثم الممانعة، ثم بيان فساد الوضع، ثم النقض. فنقدم بيان القول بموجب العلة لان المصير إلى المنازعة عند تعذر إمكان الموافقة، وأما مع إمكان الموافقة وتحصيل المقصود به فلا معنى للمصير إلى المنازعة. ثم تفسير القول بموجب العلة هو التزام ما رام المعلل التزامه بتعليله. وبيان ذلك فيما علل به الشافعي رحمه الله في تكرار المسح بالرأس أنه ركن في الوضوء فيسن تثليثه كالغسل في المغسول، لأنا نقول بموجب هذا. فنقول: يسن تثليثه وتربيعه أيضا، لأن المفروض هو المسح بربع الرأس عندنا، وعنده أدنى ما يتناوله الاسم، ثم استيعاب جميع الرأس بالمسح سنة، وبالاستيعاب يحصل التثليث والتربيع ولكن في محل غير المحل الذي قام فيه الفرض، لأنه لا فرق بين أن يكون تثليث الفعل في محل أو محال، فإن من دخل ثلاث أدور يقول دخلت ثلاث دخلات، كما أن من دخل دارا واحدة ثلاث مرات يقول دخلت ثلاث دخلات، فإن غير الحكم فقال وجب أن يسن تكراره. قلنا: الآن هذا في الأصل ممنوع، فإن المسنون في الغسل ليس هو التكرار مقصودا عندنا بل الاكمال، وذلك بالزيادة على الفريضة إلا أن هناك الاستيعاب فرض، فالزيادة بعد ذلك الاكمال لا يكون إلا بالتكرار، فكان وقوع التكرار فيه اتفاقا لا أن يكون مقصودا، وهنا الاستيعاب ليس بفرض فيحصل الاكمال فيه بالاستيعاب لوجود الزيادة على القدر المفروض، والاكمال يحصل به في الأركان نحو القراءة في الصلاة، فالاكمال يكون فيه بالإطالة لا بالتكرار، وكذلك الاكمال في الركوع والسجود، ولان الاكمال فيما يعقل فيه المعنى وهو التطهير بتسييل الماء على العضو إنما يكون بالتكرار كما في غسل النجاسة العينية عن البدن أو الثوب يكون الاكمال فيه بالتكرار إلى طمأنينة القلب، فأما في المسح الذي لا يعقل فيه معنى التطهير لا يكون
(٢٦٦)