على التخفيف إلى الغسل المبني على المبالغة ليثبت في المسح زيادة غلظ فوق ما في الغسل، فإن في الغسل الاكمال بالتثليث في محل الفرض خاصة، وبهذا التعليل يجعل التثليث في الممسوح مشروعا للاكمال في موضع الفرض وغير موضع الفرض، فإن الفرض يتأدى بالربع وهو يجعل التثليث مسنونا بالاستيعاب.
ومن ذلك قولهم في الضرورة إذا حج بنية النفل يقع عن الفرض لان فرض هذه العبادة يتأدى بمطلق النية، فيتأدى بنية النفل أيضا كالزكاة، فإن التصدق بالنصاب على الفقير بمطلق النية لما كان يتأدى به الزكاة فنية النفل كان كذلك. ولكنا نقول: هذا فاسد وضعا، لأنه بهذا الطريق يرد المفسر إلى المجمل، ويحمل المقيد على المطلق، وإنما المجمل يرد إلى المفسر ليصير به معلوم المراد، والمطلق يحمل على المقيد عنده في حادثتين أو في حكمين، وعندنا في حادثة واحدة في حكم واحد، حتى رددنا مطلق القراءة في صوم ثلاثة أيام في اليمين إلى المقيد بالتتابع في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه، وأحد لا يقول المقيد يحمل على المطلق، وهو نظير مطلق النقد ينصرف إلى نقد البلد المعروف لدلالة العرف، فأما المقيد بنقد آخر فإنه لا يحمل على المطلق لينصرف إلى نقد البلد.
ومن ذلك قولهم في علة الربا إن صفة الطعم معنى يتعلق به البقاء، يعنون أن بقاء النفس يكون بالطعم فيكون ذلك علة موجبة لزيادة شرطين في العقد على المطعوم عند مقابلة الجنسية. ونحن نقول: هذا فاسد وضعا، لان البيع في الأصل ما شرع إلا للحاجة ولهذا اختص بالمال الذي بذله لحوائج الناس، وصفة الطعم تكون عبارة عن أعظم أسباب الحاجة إلى ذلك المال، لان ما يتعلق به البقاء يحتاج إليه كل واحد، وذلك إنما يصلح علة لصحة العقد وتوسعة الامر فيه لا للحرمة، لان تأثير الحاجة في