باللسان يكون بالثناء والذكر، فكان ذكر الله على سبيل التعظيم لتحقيق أداء الفعل المتعلق باللسان، ولا عمل لذلك الفعل في تعيين التكبير، بل التكبير آلة صالحة لذلك، وقد بقيت بعد هذا التعليل آلة صالحة لإقامة هذا الفعل بها كما قبل التعليل.
وكذلك غسل النجاسة بالمائعات فالمستحق ليس هو الغسل بعينه بل إزالة النجاسة عن الثوب حتى لا يكون مستعملا لها عند لبسه، ألا ترى أنه لو قطع موضع النجاسة بالمقراض أو ألقى ذلك الثوب أصلا لم يلزمه الغسل، ثم الماء آلة صالحة لإزالة النجاسة باستعماله، وبعد التعليل يبقى كذلك آلة صالحة لإزالة النجاسة لاستعماله، وحكم الغسل طهارة المحل باعتبار أنه لم يبق فيه عين النجاسة ولا أثرها، فكل مائع ينعصر بالعصر فهو يعمل عمل الماء في المحل، ثم طهارة المحل في الأصل وانعدام ثبوت صفة النجاسة في المزيل بابتداء ملاقاة النجاسة إلى أن يزايل الثوب بالعصر حكم شرعي ثبت بالنص، وبالتعليل تعدى هذا الحكم إلى الفروع وبقي في الأصل على ما كان قبل التعليل. ولا يدخل على هذا التطهير من الحدث بسائر المائعات سوى الماء، لان عمل الماء في إزالة عين عن المحل الذي يلاقيه، أو في إثبات صفة الطهارة للمحل بواسطة الإزالة، وليس في أعضاء المحدث عين تزول باستعمال الماء، فإن أعضاءه طاهرة، وإنما فيها مانع حكمي من أداء الصلاة غير معقول المعنى، وقد ثبت بالنص رفع ذلك المانع بالماء وهو غير معقول المعنى، وقد بينا أن مثل هذا الحكم لا يمكن تعليله للتعدية إلى محل آخر. ولا يدخل على هذا الجواب تصحيح الوضوء بغير النية كغسل النجاسة، لان الذي لا يعقل المعنى فيه ما هو مزال عن المحل عند استعمال الماء، فأما الماء في كونه مزيلا إذا استعمل في المحل معقول المعنى فلا حاجة إلى اشتراط النية لحصول الإزالة به كما في غسل النجاسات، فعلم أن هذه الحدود إنما يقف المرء عليها عند التأمل عن إنصاف.
وأما بيان القسم الخامس ففيما قاله علماؤنا: إنه لا يجوز قياس السباع سوى