ومن هذا النوع تعليل الخصم في عقد الإجارة أنها توجب ملك البدل في الحال بالقياس على عقد البيع، فإن شرط صحة القياس أن يكون الأصل والفرع نظيرين، وفي باب البيع ما هو المعقود عليه قائم مملوك في الحال، وفي الإجارة ما هو المعقود عليه معدوم غير مملوك عند العقد، فعلم أنهما متغايران، وإذا لم يكن أحدهما نظيرا للآخر في الحكم الذي وقع التعليل لأجله لا يستقيم تعدية الحكم من أحدهما إلى الآخر بالقياس الشرعي.
ومن نوع ما بدأنا به هذا الفصل قول رسول الله (ص) للأعرابي في حديث كفارة الفطر كلها أنت وعيالك فإن من الناس من اشتغل بتعليل ذلك لتعدية الحكم إلى غير الاعرابي فيتطرق به (إلى) القول بانتساخ حكم الكفارة وذلك لا يجوز عندنا، لان النبي عليه السلام خص الاعرابي بصحة التكفير منه بالصرف إلى نفسه وعياله، وكان ذلك بطريق الاكرام له، وقد بينا أن مثل هذا لا يقبل التعليل، والله تعال أعلم.
فصل: في الركن ركن القياس هو الوصف الذي جعل علما على حكم العين مع النص من بين الأوصاف التي يشتمل عليها اسم النص، ويكون الفرع به نظيرا للأصل في الحكم الثابت باعتباره في الفرع، لان ركن الشئ ما يقوم به ذلك الشئ وإنما يقوم القياس بهذا الوصف. ثم هذا الوصف قد يكون لازما للأصل وذلك نحو إيجاب الزكاة عندنا في الحلي باعتبار صفة الثمنية في الأصل، وعند الخصم إثبات حكم الربا في الذهب والفضة بعلة الثمنية والثمنية صفة لازمة لهذين الجوهرين، فإنهما خلقا جوهري الأثمان لا يفارقهما هذا الوصف بحال، وقد يكون عارضا أو اسما نحو قوله عليه السلام للمستحاضة في بيان علة نقض الطهارة: إنه دم عرق انفجر والدم اسم علم والانفجار صفة عارضة. مثاله تعليل علمائنا نص