بسم الله الرحمن الرحيم فصل: في الخبر يلحقه التكذيب من جهة الراوي أو من جهة غيره أما ما يلحقه من جهة الراوي فأربعة أقسام: أحدها أن ينكر الرواية أصلا، والثاني أن يظهر منه مخالفة للحديث قولا أو عملا قبل الرواية أو بعدها، أو لم يعلم التاريخ، والثالث أن يظهر منه تعيين شئ مما هو من محتملات الخبر تأويلا أو تخصيصا، والرابع أن يترك العمل بالحديث أصلا.
فأما الوجه الأول فقد اختلف فيه أهل الحديث من السلف فقال بعضهم: بإنكار الراوي يخرج الحديث من أن يكون حجة. وقال بعضهم: لا يخرج (من أن يكون حجة) وبيان هذا فيما رواه ربيعة عن سهيل بن أبي صالح من حديث القضاء بالشاهد واليمين، ثم قيل لسهيل: إن ربيعة يروي عنك هذا الحديث فلم يذكره وجعل يروي ويقول حدثني ربيعة عني وهو ثقة. وقد عمل الشافعي بالحديث مع إنكار الراوي ولم يعمل به علماؤنا رحمهم الله. وذكر سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه السلام قال: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل الحديث، ثم روى أن ابن جريج سأل الزهري عن هذا الحديث فلم يعرفه، ثم عمل به محمد والشافعي مع إنكار الراوي، ولم يعمل به أبو حنيفة وأبو يوسف لانكار الراوي إياه، وقالوا ينبغي أن يكون هذا الفصل على الاختلاف بين علمائنا رحمهم الله بهذه الصفة، واستدلوا عليه بما لو ادعى رجل عند قاض أنه قضى له بحق على هذا الخصم ولم يعرف القاضي قضاءه فأقام المدعي شاهدين على قضائه بهذه الصفة، فإن على قول أبي يوسف لا يقبل القاضي هذه البينة ولا ينفذ قضاءه بها وعلى قول محمد يقبلها وينفذ قضاءه، فإذا ثبت هذا الخلاف بينهما في قضاء ينكره القاضي فكذلك في حديث ينكره الراوي الأصل. وعلى هذا ما يحكي من المحاورة التي جرت بين أبي يوسف ومحمد رحمهما الله في الرواية عن أبي حنيفة في ثلاث مسائل من