حجة، والنكاح والطلاق والوكالة وما أشبه ذلك لا يوجد فيها من عموم البلوى مثل ما يكون في الأموال. ونحن نقول: إنها حجة أصلية بمنزلة شهادة الرجال، ولكن فيها ضرب شبهة باعتبار نقصان عقل النساء لتوهم الضلال والنسيان لكثرة غفلتهن، ولهذا ضمت إحدى المرأتين إلى الأخرى ليكونا كرجل واحد في الشهادة، فإنما لا يثبت بهذه الشهادة ما يندرئ بالشبهات كالحدود، فأما النكاح يثبت مع الشبهات، ألا ترى أنه أسرع ثبوتا من المال حتى يصح من الهازل والمكره والمخطئ عندنا، وكذلك الطلاق والوكالة فإنها تثبت مع الجهالة فتحتمل التعليق بالشرط، فكانت أقرب إلى الثبوت مع الشبهة من الأموال بخلاف الحدود.
ومن ذلك قولهم: الغصب عدوان محض فلا يكون سببا للملك في العين كالقتل، لان هذا ينتقض باستيلاد الأب جارية ابنه واستيلاد أحد الشريكين الجارية المشتركة، فإنه عدوان من حيث إنه حرام ثم كان سببا للملك، فيضطر المعلل عند إيراد هذا النقض إلى الرجوع إلى التأثير، وهو أن الفعل إنما يتمخض عدوانا إذا خلا عن نوع شبهة، واستيلاد أحد الشريكين لم يخل عن ذلك، فإنه باعتبار جانب ملكه يتمكن شبهة في هذا الفعل، وكذلك ما للأب من الحق في مال ولده يمكن شبهة. فنقول عند ذلك: الغصب الذي هو عدوان محض لا يكون سببا لملك العين عندنا ولكن ثبوت الملك في بدل العين وهو حكم مشروع غير موصوف بأنه عدوان هو الذي ثبت به الملك في العين شرطا له على ما قررنا.
ومن ذلك قوله في المنافع: إن المتلف مال فيكون مضمونا على المتلف ضمانا يستوفى كالعين، لان ظاهر هذا ينتقض بما إذا كان المتلف معسرا لا يجد شيئا. فإن قال هناك الضمان واجب عندي ولكن يتأخر الاستيفاء لعجز من عليه عن المثل الذي يؤدي به الضمان. قلنا: هكذا نقول في الفرع، فإن عندنا يتأخر استيفاء الضمان إلى الآخرة للعجز عن المثل الذي يوفي به هذا